حديثنا الأول

297 19 0
                                    


لم يكن مطر ديسمبر الشيئ الوحيد الذي يجعلني أتعلق بتلك الفترة من حياتي ، تلك الأشياء البسيطة كتلك الأجراس التي كنت تسمعها كل ساعة مثلا ، أو اللون البني الذي كان يكسو المدينة بسبب بناياتها داكنة اللون لقد كنت أعيش بمدينة ساحرة و كئيبة أذكر اليوم الذي كنت أجلس به وحيدة عند ذلك المقعد بحديقة الجامعة و قد كنت شاردة ، بلى لقد شعرت بالغيرة من أحدهم رغم أني لا أفعل ذلك عادة لسبب ما قد شعرت أني أكره شخصا ما و قد كان ذلك الشخص أحد زملائي بالدراسة رغم أني لم أملك أسباب منطقية لذلك الشعور يقال ان الفتيات عادة ما يشعرن بالغيرة من بعضهن لكني شعرت بذلك الشعور تجاه شاب 

لقد غرقت بالتفكير لدرجة أني لم أستمع لتلك الأجراس التي لطالما كنت أنتظر سماعها ، جاء أحدهم فجأة ليقف أمامي ، لم أكن أملك أي صديق لوهلة ظننته حبيب بيلا لكنه كان ذلك الفتى عازف الموسيقى الغامض 

" أيمكنني الجلوس ؟ " سأل في هدوء حينها حملت حقيبتي لأفسح المجال لكي يجلس 

" لم أتوقع رؤيتك مجددا " 

" أردت اعطائك هذا الكتاب ، لقد أخذته منك كالعادة و انت فقط تجاهلتي الأمر "

" لابأس يمكنك أخذه ، أعلم أنك تحب قراءتها لا يهم أساسا لا أشعر برغبة في قرائة الكتب الآن " 

" لابد انك منزعجة ، سأذهب اذا أؤمن أن البقاء بمفردك قد يحل الأمر " 

قال ذلك ليقف استعدادا للمغادرة حين أمسكت يده مانعة اياه من الذهاب 

" ربما قد أغرق في التفكير ان ذهبت ، أؤمن أن البقاء وحيدا أحيانا يجعل حياتك تسوء أكثر "

" لكني لن أستطيع المساعدة " 

قال ذلك لأفلت يده ، كان هادئا لدرجة أني كنت أعتقد أنه لن يهتم لقد كان ذلك النوع من الأشخاص لكنه فجأة عاود الجلوس 

" لابأس يمكنني البقاء ، لن أسألك عن شيئ " قال ذلك لأبتسم لقد أردت أن يسألني حقا لكن و رغم اني كنت اعلم انه لن يهتم لأمري رغم ذلك بادرت بالقول

" أتملك خصالا سيئة ؟ "

" الجميع يملك خصالا حسنة و اخرى سيئة ، مثلا أنا شخص متبلد المشاعر و لا أهتم ، لا أتعاطف مع أحد و لا يمكن لأحد أن يكسر ذلك الجليد ، ذلك الحاجز الذي أضعه دائما حولي ، أيضا أنا شخص أناني و لا اهتم الا لمصلحتي ولن اساعد شخصا ان لم تكن لدي مصلحة معه "

ابتسمت لا اراديا ثم عاودت النظر الى ذلك الكتاب ، لقد كنت ذلك النوع من الاشخاص أخاف النظر في أعين الآخرين لهذا كنت اتجنب النظر الى عينيه لكنه بدا واثقا على عكسي حتى و حين كان يروي تلك الصفات السيئة به كان عالما بذلك و متقبلا لذاته لقد كان يمتلك تلك الثقة التي كنت افتقر لها

" أنا شخص سيئ "قلت في صوت منخفض لكنه ابتسم و أجاب

" هل قمت بسرقة أحدهم ، ربما قتله ، أو ربما اختطاف شخص ما "

" ماذا ؟ " 

" مادمت لم تفعلي ذلك فأنت شخص جيد و لا داع للتفكير في تلك المشاعر السخيفة ما دامت يداك نقية "

" لا أعلم لما أشعر بالغيرة منه ، لقد كان دائما ذلك الفتى المتفوق كما أنه قد حصل على وظيفة أحلامي بينما أنا مجرد شخص فاشل يجلس وحيدا منتظرا الأجراس السخيفة تلك "

" أتعنين الساعة الضخمة آخر الشارع ؟ أنا ايضا أحب سماع اجراسها ، يا للغرابة ، يوجد العديد من الأشياء المشتركة بيننا ما عدى انك تحبين الكتب و الموسيقى بينما انا لا "

" لكنك دائما ما تستعير الكتب و تعزف الموسيقى "

" سبق و أن اخبرتك أن لدي أسبابي الخاصة ، ربما لو كان لدي صديق لتوقفت عن قراءة الكتب ، أكره ذلك الشعور حين انتهي من كتاب ثم يحتم علي العودة الى ذلك الواقع الأليم "

" تلتجأ الى الكتب كي لا تشعر بالوحدة ، خطة جيدة لكنها مؤقتة ، لما تصد الجميع ؟ يجب أن تحصل على شخص يشاركك وحدتك "

" أكره ذلك ، أنا بخير هكذا لقد حصلت على كل شيئ أردته و لا حاجة لي بالبشر "

رغم أننا لم نتحدث لأكثر من خمس دقائق الا اننا كنا نتحدث كما لو أننا نعرف بعضنا لسنوات كان من الممتع أن تخبر أحدهم ما تشعر به لقد كنت شخصا غامضا مليئا بالأسرار و هو أيضا لكنه فجأة وقف ثم نظر لي مبتسما و قال 

" يجب أن اذهب الآن "

" وداعا " أجبت و قد كنت أتصنع تلك الابتسامة ،لقد أردت و بشدة أن يظل لكني لم استطع منعه من الذهاب 

أيام أخرى تمضي ، لم نعد نتحدث خلالها فقط نلتقي حين نغادر صباحا الى الجامعة لكنه يكتفي بالابتسام دون ان ينطق بكلمة ذلك الغموض الذي كان حوله كان يصيبني بالجنون 

هاري

كانت غامضة ، مهما حاولت التقرب أكثر أجد أني أبتعد لا شعوريا ، ربما ذلك بسبب تحفظي و انعزالي المستمر كانت تلك حكاية لورنس فتاة الخامسة عشر و التي كانت بطلة روايتي ، فتاة غريبة تنزل على سطح الأرض لتدميره لكنها تقع في حب أمير ما لتتراجع عن تلك القوة التي تم منحها اياها لتدمر عالمه لقد كانت على وشك التضحية بحياتها من أجله و لكي يعيش و شعبه حياة آمنة ، لقد كنت كاتبا و رساما ، أبيع تلك القصص المصورة كل يوم تقريبا ، لقد كنت مشهورا رغم أني لا أحب الظهور و أفضل الاختفاء و التركيز على تلك القصص و التي كانت بطلتها فتاة قد رسمتها بعقلي 

ساره

لم أكن أهتم لشخصية الفتاة أبدا بل كانت مجرد شخصية ثانوية بالنسبة لي ، كان بطل القصة مراهق يبلغ من السن سبعة عشر عاما و قد كان وريثا لوالده الملك لقد صار حاكما رغم صغر سنه ليجد ذات ليلة كائنا غريبا على هيئة فتاة فائقة الجمال ، كانت تلك الرواية التي أحبها الجميع و التي كنت أكتبها منذ سنوات لكن و في كل مرة أجد تلك القصة و التي كان صاحبها مجهول الهوية تنافس قصتي رغم التشابه الكبير الذي كان بينهما و قد جعل المعجبين يعتقدون أنهما لنفس الكاتب كان لي منافس أجهل هويته

December RainWhere stories live. Discover now