الفصل الثلاثون وريثة هاري

68 8 0
                                    

كانت الساعة السابعة مساءا حين انتهيت من العمل بالجامعة ألقيت نظرة على جدول أعمالي لأجد انه لا ازال املك بعض الوقت للمرور الى المقهى و شراء كعك التفاح لطالما اردت فعل ذلك كلما كان لدي عمل بالكلية

لأول مرة اتأخر في مغادرة القاعة رغم انتهائي من العمل منذ ساعة تقريبا ، باحدى القاعات المجاورة سمعت صوت عزف على الكمان ما جعلني اتوقف لبرهة حينها شعرت برغبة شديدة في الاقتراب من تلك الغرفة و الاستماع عن قرب لقد شعرت هي بذلك ايضا حين  كنت اعزف على البيانو ، بلى ربما هذا سبب آخر يجعلني أتأكد من انها الشخص المناسب ، لقد تملكني الفضول لأعرف هوية العازف فقد كنت عازف بيانومن قبل و أعلم جيدا ان هذا الشخص موهوب للغاية 

دفعت الباب ببطئ، لم امنع نفسي من الدخول و القاء نظرة ، لكنها و ما ان لاحظت وجودي حتى توقفت على العزف ، كانت احدى الطالبات بالجامعة و لعل اول ما لفنت انتباهي كانت تلك البدلة الرجالية التي كانت ترتديها رغم غرابة ذلك بزمننا الا اني لم اتفاجأ فقد كانت ساره تحب مثل هذا النوع من الملابس الفضفاضة و المريحة 

" يمكنك المواصلة لقد اعجبني العزف حقا " قلت بينما كنت اقترب منها 

" شكرا لك ، لكن ..." قالت في نبرة هادئه" لن استطيع العزف في وجود احدهم "

" عزفك جيد لقد احببته ، الموسيقى ، ارى انها لغة تواصل بين افراد الطبقة النبيلة " 

" لكني...

" لا اعني ذلك ، ما اعنيه بالنبلاء هم المثقفون محبي الموسيقى و الأدب و الفن و كلانا نعتبر نبلاء الآن ، لا اعرف ما علي قوله لتشجيعك لكني  لا اهتم للناس اقوم بعزف موسيقاي حتى و ان كانت سيئة سأضل فخورا بها "

" هل تعزف الكمان ايضا؟ "

" لقد كنت عازف بيانو قبل سنوات لهذا ابدو مهتما بموسيقاك "

" لقد احببت العزف على البيانو ايضا لكن لسبب ما اخترت الكمان ربما لاني احببت فكرة انها يستطيع ان يلازمني اينما ذهبت انه صديقي الوحيد " 

" لقد تأخر الوقت ، هل ستعودين المنزل ام انك ستبقين لوقت متأخر بالجامعة؟"

" بلى يجب ان اذهب ايضا شكرا لكلماتك المشجعة لن انسى هذا"

" لنذهب معا ، اعني اني أود ايصالك المنزل "

كنت استطيع رؤية القلق  و التوتر الذي كان باد عليها لم تجب ، بل اكتفت بالابتسام دون قول شي لكن من الواضح انها كانت تحاول التملص من ذلك العرض

" اعرفك جيدا لهذا لا تقلقي أنا هاري ، اعلم انك المتدربة الجديدة بمكتب ساره " قلت ذلك لتتسع عيناها 

" انت ، أنت هو هاري اذا ؟  حسنا اوافق " قالت و قد كان في نبرتها شيئ من الحماس و الفرحة بسرعة قامت بجمع اغراضها ثم لحقت بي ، كنت امشي في هدوء بذلك الممر الواسع لا أحد بذلك المكان غيرنا ، كانت تحاول اللحاق بي بينما تحضن الكمان خاصتها بيدها اليمنى و حقيبتها بيدها الأخرى 

" هل يمكنني المساعدة في حملها ؟ " سألت بعد ان توقفت فجأة

" لا ، انا بخير أستطيع حملها بمفردي " أجابت سريعا و تلك الابتسامة الهادئة لم تفارق وحياها ، لقد بدت شخصا هادئا و نقيا لقد كنت اشعر بالفضول تجاهها منذ ان رأيتها لأول مرة ذلك اليوم حين كنت و ساره عند المقهى عندما التقينا فجأة كانت هي قد مرت مسرعة باتجاه الجامعة هناك حين اشارت ساره قائلة بأن تلك الفتاة ستكون وريثة الريشة البيضاء لقد احبتها ساره كثيرا استطيع الشعور بذلك فأنا اعرف تلك المرأة جيدا هي لا تحب بسهولة و لا تمنح الاهتمام لأي شخص لابد ان لهذه الفتاة مميزات جعلت ساره تثق بها و تقربها منها 

كنت اقود السيارة بعد ان اخبرتني عن مكان اقامتها ، طوال الطريق لم تكل شيا ، كانت هادئة و قليلة الكلام و هذا ما لاحظته لأول مرة شعرت اني شخص ثرثار يحاول خلق محادثة مهما كلف الأمر

" لابد انك التقيت بمارك ذلك اليوم ، قال انه سيعيد كتابك الذي نسيته عند الدرج ، لابد انه قد بدأ في قراءته الآن"

" اه ، من الجيد انه قد وجده لقد ظننت اني قد اضعته بمكان ما ولن احصل عليه مجددا "

" لقد سبق و ان قرأت ذلك الكتاب ايضا كانت اول مرة التقي بها ساره عندما قام كلانا باختيار نفس الكتاب ، فقد بدا غامضا و كئيبا و كلانا احب ذلك " 

 " هل أنت كاتب رواية فتاة الغاب ؟ " قالت لأبتسم رغم اني كنت اشعر بقلبي الذي صار ينبض بسرعة اكثر فأكثر 

" طوال حياتي لم يعرف احد هويتي ، هوية كاتب تلك الرواية اتسائل ان كانت ساره من اخبرك بذلك  لا احد يعرف ذلك السر غيرها و احد الاصدقاء الذي كان يساعدني في نشر كتبي " 

" ابسط الاشياء كانت تجذبني ربما لوحة ما او بعض النوتات الموسيقية او ربما كتاب قديم كتبت عليه رواية عن عالم من وحي خيال كاتب عبقري ، كانت لي تلك العادة الغريبة و التي لم يلاحظها أحد لربما كنت لأسعد ان لاحظها أحدهم يوما "

سالي

" لقد كنت مهوسا ببعض الروائيين لكني لم اصل الى هذا الحد من الهوس " قال بينما كنت اراقب جميع تحركاته لقد علمت ذلك انه هو بالطبع 

" لقد لاحظت تلك العادة التي تحدثت عنها بروايتك كنت تمرر اصابعك على شفتيك حين اخبرتك باني على دراية بهويتك لقد شعرت بالتوتر اليس كذلك ؟ انها تفاصيل صغيرة قد لاحظتها ربما لولا انك مهتم بالموسيقى لم اتيت تلك الغرفة لقد كانت أنت الأمير دانيال  من الممتع ان يكتب كاتب رواية يكون هو بطلها رغم انك قد جعلت فتاة الغاب محور الحكاية الا ان الامير كان مهما ايضا "

أوقف السيارة فجأة ، لم يجب بل كان شارد الذهن فجأة أمسك بحقيبته ثم أخرج منها علبة و قدمها لي 

" رغم انه لقائنا الأول لكن كنت قد جهزت هذه من أجلك ، انها هديتي أثق انك تستحقينها اكثر من اي شخص آخر "

قال لترتسم على شفتيه ابتسامة هادئة ، فتحت تلك العلبة لأجد ريشة زرقاء 

" ما هذه ؟ لما تعطني ريشة ؟ "

" اثق انك ستجدين الاجابة قريبا"

December RainWhere stories live. Discover now