[اللعنة على ذنباً كهذا]

104 4 2
                                    

المشهد الأول :(حدود أفغانستان)
* كان «ياماش» و «كارما» مازالوا في الطريق و علي وشك الوصول إلى الحدود التي يغلقها جماعة (طالبان) ، فأوقف «عبدول» السيارة و نزل منها ، ثم فتح باب الصندوق و قال : نحن نقترب من الحدود الآن .
كارما : أعرف يا أخي .
عبدول : إن سألوا عن سبب مجيئكم ستقولون إنكم أتيتم إلى زيارة أحد أقاربكم ، هل فهمتم ؟
ياماش : ألن يطلبوا رؤية إثبات الشخصية ؟
* ضحكت «كارما» و لم تقل شيئاً .
عبدول : من أجل زفاف إذاً .
ثم تابع وقال : «كارما» ، إياكِ أن تفعلي شيئاً ، هل سمعتي ؟
كارما : لا ، لم أسمع .
ياماش : حسناً يا بني لا تقلق ، هذا الأمر لدي.
عبدول : حسناً يا أخي .
* ثم أغلق الصندوق  مجدداً ، و تابع طريقه ... حتي قطعوا حوالي عشرة كيلو آخرين ، و الآن ها هم يمرون من الحدود .
ـ جاء رجلان و وقفوا أمام الطريق ، و أشار أحدهم إلى «عبدول» لكي يتوقف بالسيارة .
ـ توقف «عبدول» و نزل من السيارة هو و «عابدين» ، ثم قاموا بتفتيشهم .

ـ و أثناء ذلك كان «ياماش» بالخلف يحذر «كارما» للمرة الأخيرة من فعل أي شيئاً أحمق .
ـ ثم جاءوا لتفتيش صندوق السيارة ، و فتحه «عبدول» لهم .
 

ـ نظروا إلى «ياماش» و «كارما» ، و عرفوا من مظهرهم إنهم ليسوا أفغان .. فقال رجلاً منهم بالأفغانية : من أي بلد أنتم ؟
ـ لم يفهم «ياماش» و نظر إلى «كارما» ، و لكنها لم تقل شيئاً أيضاً ...
فقال عبدول : إنهم أتراك ، جاءوا لحضور زفاف .
قالت كارما لعبدول بالتركية : إنحني يا أخي .
قال عبدول بفزع : ماذا ؟!
* و في لحظة نظرا «عبدول» و «ياماش» إلى «كارما» و هم في حالة ذهول عندما وجدوها تحمل سلاحاً رشاش و تطلق علي الجميع .
ـ إنحني «عبدول» بالفعل لأنه لم يكن يحمل سلاحاً ، لقد أخذوه منه أثناء التفتيش ، أما «كارما» فقتلت الرجلين الذان أوقفوهم في البداية ، لم يعرف «ياماش» ماذا يفعل ، فأخرج سلاحه و أطلق عليهم هو الآخر .
ثم صرخ في «عبدول» وقال : هيا بسرعة إذهب و إنطلق بالسيارة .
* ف زحف «عبدول» إلى السيارة و قفز داخلها ، ثم إنطلق «عابدين» بهم علي الفور .
ـ و لكنهم طاردهم بالسيارات ، فقام «ياماش» بإطلاق النار علي إطارات السيارات و مخزن الوقود ، فكانت السيارات بعضها ينفجر أمامهم ، و البعض الآخر يصطدمون ببعض ، و كانت «كارما» في حالة إنبهار من أداء عمها ، فهي بالكاد تستطيع حمل السلاح حرفياً .
ـ و عندما إبتعدوا عنهم ، و لم يتبقي منهم أحداً ، أغلق «ياماش» باب الصندوق و رمي بالسلاح جانباً ، ثم صرخ في وجه إبنة أخيه و قال : اللعنة عليكِ يا فتاة ، اللعنة عليكِ ألف مرة ، لماذا فعلتي ؟ هه ؟ حباً في الله إخبريني سبباً واحداً ؟
كارما : كانوا سيقومون بإهانتنا يا عمي ، هل سنهان في بلدنا ؟ أنا لا أقبل ، علاوة علي ذلك ، لماذا أنت غاضباً هكذا ؟ لم يحدث شيئاً.
ياماش : لم يحدث شيئاً ؟! ماذا تقولين أنتي ؟ هل أنتي مريضة ؟ أقسم إنكِ مريضة ، لكن عندما نعود سأقوم بمعالجتك لا تقلقي .
كارما : حقاً ؟ ماذا ستفعل ؟ هل هتحبسني في حجرة الفئران ؟
ياماش : أنا أتحدث بجدية ، سأعرضك علي طبيباً نفسياً .
كارما : هل تظن إنني مجنونة ؟
ياماش : لا أظن ، أنا متأكد من إنكِ مجنونة .
* غارت عين «كارما» و أحمر وجهها ، ثم قالت : و ربما تضعني في مشفي أمراض عقلية أيضاً .
ياماش : إن كان هذا في صالحك سأفعل .
* جنّت «كارما» و قفزت من مكانها فجأة تريد فتح باب الصندوق و القفز من السيارة أثناء سيرهم ، فنهض «ياماش» و أمسك بها ، فبدأت بالصراخ و قالت : أتركني لن آتي معك ، توقف يا «عبدول» لن أذهب إلى هناك مجدداً ، لن أذهب إلى المشفي .
* و أصيبت بهيسترية من البكاء و الصراخ ، و لكن «عبدول» الذي يجلس في الأمام لم يكن يسمع شيئاً ، لقد كان الصندوق معزولاً لا ينقل إلا صوت الطرق علي السيارة ، و «ياماش» لم يتركها تفعل ذلك .
ـ و بالطبع عندما رآها «ياماش» هكذا حاول أن يهدئها و يعتذر لها ، و أخيراً هدأت قليلاً ، فجلست علي الأرض و هي تحاول أن تلتقط أنفاسها ، و كانت مازالت تبكي .
فقال لها ياماش : حسناً إهدئي ، أنا آسف ، هل تريدين أن نتوقف قليلاً ؟ و لكن دون أن تهربي بالطبع .
نظرت إليه بغضب و قالت : أنا لست مجنونة .
ياماش : حسناً .
كارما : لن أذهب إلى المشفي مجدداً ، هل سمعت ؟
* تفاجأ «ياماش» مما قالته ، ماذا يعني لن أذهب مجدداً ؟ هل ذهبت من قبل ؟؟
فتابعت و قالت : كانت حالتي النفسية سيئة فقط ، لم أجن .... هل تعايرني بهذا ؟ حسناً ، علي الأقل أنا دخلت علي قدمي و ليس علي كرسي متحرك ، و لم أصرخ طوال اليوم و أقول كولونيا كولونيا ، أنت المجنون و ليس أنا ، هل فهمت ؟
المشهد الثاني :(منزل العائلة)
* كان «چومالي» يقسّم نفسه بين جلوسه في المنزل و الإعتناء ب «أكين» الذي يمتنع عن الطعام و يحاول الهرب يومياً ، و «ياسمين» التي تبكي دائماً لمعاملة «أكين» لها ، و حتي أمه أصبحت تضغط عليه بإستمرار لكي يخبرها عن مكان «ياماش» و «كارما» ، و بين مشاكل الحي التي لا تنتهي .
ـ علي سبيل المثال بالأمس عندما خرج «چومالي» من المنزل لكي يتنفس قليلاً و يبعد عن ضغط المنزل ..
المشهد الثالث :(المقهى)
* ذهب «چومالي» إلى المقهى ، و بمجرد ان وصل ، قابله «ميكي» و «محمود» .
وقال ميكي : أخي ، أريد التحدث معك في موضوع ما .
مسح چومالي علي وجهه في نفاذ صبر و قال : قل يا بني .
ميكي : ماذا سنفعل في الآلات و المعدات التي أخذناها من منزل عديم الشرف الذي خطف أخي «ياماش» ؟ إنها في مستودع «الباشا» منذ ذلك الوقت .
چومالي : ماذا يعني يا بني ؟ أتركها كما هي ، هل تحملها فوق رأسك ؟
ميكي : هناك مشتري يا أخي ، إنها معدات ثمينة و الرجل يفتتح مصنعاً جديداً و سيشتريهم كلهم ، لقد جاء هذا الصباح و رآهم و أعجبوه كثيراً .
غضب چومالي و قال : ماذا فعلت يا هذا ؟ لماذا تفتح له المستودع و تجوّله في المكان ؟ من قال أننا سنبيعهم أساساً ، و من هذا الرجل ؟ هل تعرفه ؟
* نظر «ميكي» و «محمود» إلى بعضهم البعض و لم يتحدثوا .
تابع چومالي : من ذلك الرجل يا بني ؟ هل هو من الحي ، من أخبره إن لدينا ماكينات و معدات مصنع نسيج ؟ هل هذا مجال عملنا يا هذا ؟
ميكي : لم نعد نعمل في أي مجال يا أخي ، كنا نعمل في تجارة السلاح منذ أكثر من ثلاثين عاماً ، هل نعرف شيئاً آخر ؟ نحن عاطلين منذ أن حرمّها علينا أخي «ياماش» ... و عندما قالت «كارما» إننا سننظف منزل الرجل ، قلت هذا جيداً سنقوم ببيع هذه الأشياء علي الفور و نحل الأزمة ، و لكنها مركونة منذ أكثر من أسبوع في ذلك المستودع للرطوبة و الصدأ يأكلوها ، و لكن حسناً ليكن هكذا ، أنت محق أنا لا أحملها على رأسي ... هيا يا أخي .
* قال هذا و أخذ «محمود» و خرج مسرعاً من المقهي .
ـ تنهد «چومالي» و دفن رأسه بين كفيه و شرد في أفكاره ، لا يعرف ماذا عليه أن يفعل ، قوته لا تكفي مشاكل المنزل و الحفرة معاً ، و «ياماش» في أفغانستان ، و «صالح» مازال مصاباً ، إنه بمفرده تماماً .
ـ ثم دخل متين و قال : من الجيد إنني وجدتك يا أخي .
* رفع «چومالي» رأسه بثقل و نظر إلى «متين» ، و كانت عيناه حمروان من أثر الإرهاق و السهر ، إنه يجلس بجانب «أكين» طوال الليل لكي لا يحاول الهرب ، علي الرغم من الرجال الذين ينتظرون في الخارج ، إلا إن «أكين» في كل مرة يحاول الهرب بطريقة مختلفة ، و أثناء رجوع الرجال بيه يظل يصيح و يصرخ و ذلك يصيب «ياسمين» بالهلع ، لذلك يسهر «چومالي» بجانبه لكي لا يحاول من الأساس .
قال چومالي : ماذا هناك يا «متين» ؟
متين : الأولاد يشتكون يا أخي .
چومالي : من قلة العمل ، حسناً أعرف .
متين : لا ، إنهم يشتكون من الأفغان ، غاضبون لأنهم يحمون الحي ، يظنون إننا نستغني عنهم هكذا ، يقولون لماذا مازالوا في الحفرة ، إننا نستطيع حماية حيّنا .
چومالي : فليـ*** يا بني ، هل أردتني من أجل هذا ؟
متين : لا ، هناك السيدة «فخرية» والدة «أوموت» ، إنه من رجالنا يا أخي ، جاءت المرأة عدة مرات من قبل لكي تطلب عملاً من أجل علاج إبنتها ، لقد أردت أن أحل الأمر دون أن أزعجك ، و لكنني بحثت كثيراً و لم أجد شيئاً يناسبها ، إنها مسنة يا أخي لذلك لـ....
قاطعه چومالي و قال : ماذا يقول يا بني ؟ عن أي عملاً بحثت ؟ هل سنجعل المرأة تعمل في هذا العمر من أجل معالجة إبنتها ؟ قل لي كم تحتاج ؟
* ثم مد يديه في جيبه و أخرج محفظة النقود ، و لكن أسرع «متين» و وضع يده علي المحفظة لكي يوقف «چومالي» عن إخراج النقود و قال : لقد عرضت عليها ثمن الدواء بالفعل و لكنها لم تقبل يا أخي ، لقد أصرت علي إيجاد عمل ، كما إنها تحتاج المال من أجل المعيشة أيضاً ، هل سنوفر لها هذا ؟
چومالي : يا إلهي ، ماذا كان يعمل إبنها لدينا ؟
متين : كان في محل الألعاب .
چومالي : فهمت ، و الآن بلا عمل بالطبع.
متين : نعم .
چومالي : هل أنت أيضاً بلا عمل يا بني ؟
متين : أنا أعمل في دكان الجزارة يا أخي ، هل نسيت ؟
چومالي : هااا نعم تذكرت ، حسناً ، سأحاول أن أجد حلاً لهذا لا تقلق .
متين : سلمت يا أخي ، أنا سأذهب إذاً .
* أومأ له «چومالي» برأسه ، و خرج «متين» من المقهي ، و ترك «چومالي» غارقاً في همومه.
ـ كان يتمالك نفسه بصعوبة ، فأخرج هاتفه بعصبية و إتصل ب «ياماش» ، و لكنه لم يرد ، فأغلق الهاتف بعصبية و قال لنفسه : آه يا بني ، إن شاء الله لا أطلق علي رأس أحدهم .
* ثم خرج مندفعاً من المقهى إلى المنزل مجدداً .
المشهد الرابع :(منزل العائلة)
* دخلت «سعادات» إلى غرفتها لكي تعطي «صالح» الدواء ، فوجدته يرتدي ملابسه و يستعد للخروج ، فصرخت عليه و قالت : ماذا تفعل يا «صالح» ؟ أنت لم تتعافي بعد .
صالح : لقد سئمت يا فتاة .
سعادات : حباً في الله يا روحي ، هذا ليس وقت العناد ، مازلت مريضاً .
* و تقدمت منه لكي تخلع عنه ملابسه مجدداً.
فقال صالح : لا تفعلي يا فتاة ، و الله لا أستطيع تحمل الفراش أكثر من ذلك ، كما أن أخي «چومالي» بمفرده ، أليس مؤسفاً علي الرجل ؟ هل سيعتني ب أكين أم ب ياسمين أم بمشاكل الحفرة ..
* و أثناء حديثه رأي «چومالي» يقف أمام باب الغرفة الذي كان مفتوحاً أساساً ، و يبتسم له بإمتنان ، لقد سمع ما قاله عنه ، فإرتبك «صالح» و لم يقل شيئاً .
ـ فتقدم منه «چومالي» و عانقه ثم قال : كم أنت تفهم بالحال يا بني ، زال البأس يا إبن أبى .
تجمعت الدموع في عين «صالح» و رد بخجل و قال : سلمت يا أخي .
* ثم قبّله «چومالي» من رأسه ، و خرجوا من المنزل سوياً .

* أما «أكين» لقد ذهبت إليه «إيفسون» بالطعام ، و كالعادة قال لها : أخرجي لن آكل .
* تجاهلته و جلست أمامه و مدت يدها بملعقة الطعام إليه .
أكين : أريد الذهاب من هنا ، أحتاج مساعدتك.
إيفسون : أنظر إلىّ ، أنا أكثر من يفهمك هنا ، تعرف لقد كشف أمري قبلك أساساً ، و قد عانيت كثيراً و مازلت أعاني ، أخبرني ماذا ستفعل لو خرجت من هنا ؟ مازلت «أكين كوشوفالي» ، لم يتغير شيء ، بدلاً من الهروب حاول أن تقف بجانب عائلتك ، أنظر «ياماش» ليس هنا و «صالح» أصيب أثناء هجوم رجال من أفغانستان .
فزع أكين و قال : أفغانستان ؟ هل للأمر علاقة ب «ياسمين» ؟
إيفسون : بالطبع لا ، كان هناك مشكلة و لكنهم قاموا بحلها ، علي كل حال ، أريدك أن تعود إلى رشدك يا صديقي ، إن لم يكن من أجل حمايتنا ف من أجل زوجتك و إبنك إذاً ، ألم تري حالة «ياسمين» ؟ إنها بحاجة إليك ، أنظر ، لن أقول بإنك ستستطيع النسيان أو إنه سيمضي ، لا ، لن يمضي أبداً ، نحن مذنبان ، اللعنة على ذنباً كهذا ، نعم ، و لكن أنا لا أستطيع تحمل الندم مرتين ، هل تتحمل أنت ؟ إبنتي «ماسال» بحاجةً إلىّ ، أنا أتنفس من أجل هذا ، وأنت زوجتك و إبنك بحاجةً إليك أيضاً ، فهل ستتركهم ؟
قال أكين و هو يبكي بشدة : لن أستطيع النظر إلى وجههم ، لن أستطيع النظر إلى وجه أحداً منهم ، أنا قتلت جدي يا «إيفسون» ، و بوقاحتي كنت أعيش بينهم بكل راحة على أساس لن ينكشف أمري ، لقد عادوا و أخذوني عندما ظنوا إني سأموت .
إيفسون : لقد طردتني أمي «سلطان» أيضاً ، و كنت حامل في «ماسال» حينها ، و قد تعذبت كثيراً عندما خرجت من هنا ، مثلك تماماً ، حتي وجدني «ياماش» بعد سنوات ، و بالطبع علاجي إستغرق بعد الوقت ، و لم أرغب في الرجوع مجدداً إلى هنا أيضاً ، و لكني أدركت لاحقاً أن هنا بيت العائلة ، أينما ذهبت ستعود إليه في النهاية ....
ـــــــــــــــــــــــــ   ــــــــــــــــــــــ   ـــــــــــــــــــــ
إنتظروا الجزء القادم قريباً ❤💥

الحفرة الموسم الخامسWhere stories live. Discover now