[الحب لا يمحي الآثام]

93 6 3
                                    

(مقهى الأصدقاء)
* نهض ياماش من علي كرسيه و خرج من المقهى ، أراد أن يتجول قليلاً ، نظر إلى دكان ميكي و إبتسم ثم تابع طريقه ، و عندما مشي قليلاً ، وجد متين و معه محمود و بعض الأصدقاء ، يحمّلون بعض الأجهزة الكهربائية من سيارة نقل كبيرة إلى منزل الخالة (فتون) فتقدم منهم ياماش و حمل معهم بعض الأجهزة ، و عندما انتهوا سألهم ياماش و قال : هل هذا جهازاً للعرس ؟
متين : لا يا أخي ، إنها للخالة (فتون) ، لقد باعت أجهزة بيتها من أجل عملية جوزها منذ عدة أسابيع ، فقمنا بشراء غيرها ، إنها امرأة عجوز و لا تستطيع خدمة نفسها .
ياماش : و كيف حال زوجها الآن ؟
متين : لقد توفى .
حزن ياماش و قال : و أين ستذهبون بالباقية ؟
متين : سنقوم بتوزيعها يا أخي .
* ثم أخرج ورقة من جيبه و قرأ ما فيها و قال : مازال أمامنا بضاعة دكان العم (چيهان) و ...
قاطعه ياماش و قال : لمن هذا الكرسي المتحرك ؟
متين : إنه للخالة (ثرية) والدة سالم ، لم أكن أعرف إنها أصيبت بالشلل ، كارما من أخبرتني .
تفاجأ ياماش و قال : هل سالم خاصتنا ؟ يا إلهي ، لقد سألته بالأمس عن والدته لماذا لم يخبرني ؟
متين : إنه لم يخبر أحد يا أخي ، لقد عرفت الفتاة بالصدفة ، وجدتها تاركة لي رسالة هذا الصباح .
ياماش : حسناً ، أود أن أذهب معكم عندما تذهبون إليها .
أومأ متين برأسه و قال : حسناً ، سأتصل بك .
* مشي ياماش خطوتين ثم رجع مجدداً و قال : متين ، من أين أتيتم بالنقود لشراء هذه الأشياء يا أخي ؟
فكر متين قليلاً ثم قال : لا أعرف ، لقد أرسلها أخي چومالي مع كارما بالأمس .
أومأ ياماش برأسه و قال : أخي چومالي إذاً ، حسناً .
* عندما إلتفت ياماش و ذهب ، أخرج متين هاتفه علي الفور و إتصل بچومالي .
چومالي : أين أنت يا هذا ؟
متين : لدي عملاً يا أخي ، سأنهيه و آتي ، و لكن هناك أمراً .
چومالي : عساه خيراً ؟
متين : أنت تعلم بأمر النقود التي أعطتها لي كارما و ميكي بالأمس ، و الأشياء التي قاموا ببيعها ، أليس كذلك ؟
چومالي : نعم أعلم ، هل هناك مشكلة ؟
متين : لا ، و لكنني قلت لياماش إنك من أرسلت كارما بالنقود عندما سأل عن مصدرها .
قال چومالي بغيظ : أحسنت يا متين ، أحسنت يا بني .
متين : ماذا أفعل يا أخي ؟ لم أرد أن أضع الفتاة أمامه ، سيقول إنها تتصرف بدون علمه و ما شابه .
چومالي : حسناً أنا سأتصرف .
* اغلق چومالي الهاتف ، حينها كان إدريس الصغير قد أكمل حلاقته ، و ركض إلى أبيه باكياً حزيناً علي شعره .
ـ و بعده بقليل خرج ياماش الصغير أيضاً ، و لكنه كان سعيداً للغاية ، عندها إلتقته أكين و حمله بين ذراعه ليداعبه قليلاً .
ـ أما كارما فكانت في المقهى تحاول أن ترضي إدريس ، لقد كان حزيناً للغاية ، فدخلت سعادات إلى المقهى و قالت : لا تدلل أيها المشاغب ، انظر إلى ياماش ، لماذا لا يبكي مثلك ؟
إدريس الصغير : إنه يريد أن يقلد أبيه ، و أنا أريد ذلك أيضاً ، إخبريني كيف سأضع الليمون علي شعري الآن ؟
* فضحك الجميع ، و قالت سعادات : صالح ، إذاً عليك أن تحلق رأسك أنت أيضاً .
ضحك صالح و قال : هاااا ، انظر إلى أين أوصلت الأمر ، ما المناسبة يا روحي ؟ أنا لا إذهب إلى المدرسة .
* مزحوا مع الصغير قليلاً ، ثم قالت سعادات : لماذا أنتي هنا ؟ هيا كما إتفقنا .
نظرت كارما إلى عمها چومالي و قالت : عمي ، رجاءاً قل لها أن تدعني و شأني .
* فضحك چومالي و قام بحركةٍ تعني و كأنه يغلق فمه بالمفتاح ، فقال صالح : دعيها تجلس معنا ، هل ستفعلين مثـ..
قاطعته سعادات و قالت : لا تتدخل يا روحي.
ثم تابعت و قالت : هيا أمشي أمامي .
* و الغريب في الأمر أن كارما خرجت بالفعل دون أن تتفوه بكلمة .
ـ دخلوا إلى بيت الطعام ، و كان عليشو يأكل حساءه ، جلست كارما بجانبه و أكلت بعضاً من خبزه ، و قالت : أريد أنا أيضاً من هذا .
* كانت سعادات آتية بالطبق الخاص بها أساساً ، و وضعته أمامها ، و عندما تذوقته كارما ، تجعد وجهها و قالت : ما هذا ؟ إنه لاذع جداً .
سعادات : نعم ، لقد وضعت بيه القليل من الليمون ، هذا سيعالج البرد قليلاً ، أعرف إنكِ لا تحبين الأدوية .
كارما : من قال إنني مصابة بالبرد ؟
علا صوت سعادات و قالت : منذ الصباح و أنتي تعطسين و تسعلين ، هل أنا صماء ؟
* ثم أمسكت بوجهها و تابعت : كما إن وجهك شاحب للغـ ... ، يا إلهي ، و حرارتك مرتفعة أيضاً .
* فأبعدت كارما وجهها عن يد سعادات . فتابعت سعادات : بالطبع ، عندما تخرجين في الليل بدون معطف في هذا الجو ، بالطبع ستمرضين .
كارما : أنا لست مريضة ، لقد كان شيئاً بسيطاً ، و أخذت له بعض الأدوية ، و إنتهي .
سعادات : أنتي ؟ أخذتي بعض الأدوية !؟
عليشو : ليكن ، الليمون جيد ، الليمون يقوي المناعة ، لكي لا تصابين بالبرد سريعاً مجدداً .
إبتسمت سعادات بتشفي و قالت : بالضبط ، لكي يقوي مناعتك ، هيا .
* كانت السيدة سلطان تبتسم خلسةً من خلف المطبخ ، لم تري سعادات تتصرف بهذه الصرامة من قبل ، و لم تراها تهتم بأحداً هكذا أيضاً ، لقد أتخذتها كإبنة لها بالفعل ...
ـ و كارما أيضاً جلست لتأكل الحساء المليئ بالليمون في هدوء .
ـ أما ياماش فقد عاد مجدداً إلى المقهى ، عندها رأي أكين و هو يداعب ابنه ، فعندما رآه أكين ، ترك ياماش الصغير ، و وقف أمام عمه ينظر إليه فقط دون فعل شيء ، و كان ياماش واقفاً أيضاً ينظر إليه بغضب ، ظلوا ينظران إلى بعضهم البعض دون فعل أي شيء ، حتي لاحظت السيدة سلطان أكين و هو واقفاً في الخارج ، و كارما أيضاً ، فخرجوا لينظروا ، في هذه اللحظة كان ياماش الصغير يهز أبيه ليريه شعره ، و لكن ياماش لم ينتبه إليه ، و ظل ينتظر أكين ، كان عليهم أن يواجهوا بعضهم عاجلاً أم آجلاً .
ـ خرجت كارما و وقفت بجانب أكين و قالت له : ماذا تنتظر ؟
* نظر إليها أكين ، و كأنه لأول مرة يعطيها الحق فيما تقوله .
ـ ذهب ببطئ شديد ، و كأن قدمه لا تحمله ، لم يكن يبكي ، كان إحساساً آخر ، هناك حملاً على صدره ، حملاً يجعله ، لدرجة إنه لا يستطيع حتي البكاء .
ـ مشي خطوتين من دكان ميكي إلى المقهى حيث يقف ياماش ، و لكن بالنسبة إليه ، كانوا و كأنهم مئات الأميال ، وقف أمام عمه و إنحني ، ثم مد يده إليه آملاً أن يعطيه ياماش يده ليقبّلها ، ظل منحنياً ينتظر ، و ينتظر معه السيدة سلطان و كارما و أيضاً چومالي و صالح ، لم يخرجوا من المقهى ، و لكنهم كانوا يراقبون من الداخل .
ـ ظل أكين منتظراً ، لقد تخدر جسده و كانت يداه ترتعش من الخوف ، ماذا لو لم يقبل بيه ياماش ؟ ماذا لو لم يسامحه ؟ لا يستطيع أن يتحمل عبأً كهذا .
ـ شعر أكين و كأنه سيفقد الوعي من هذا الموقف ، و لكنه كان لديه الإستعداد لكي يقف هكذا لبقية حياته إن كان هذا سيضمن له مسامحة عمه .
ـ و لكن أخيراً سيتحرك ياماش ، مد يده له ببطئ شديد أيضاً ، و قبل أن يمسك بها أكين و يقبّلها ، تراجع ياماش و سحب يده و وضعها خلف ظهره ....
**********************
إلى اللقاء في الجزء القادم ...











الحفرة الموسم الخامسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن