النجاة من العاصفة: احتضان الغير متوقع

34 3 3
                                    

في عمق الشمال البعيد، يرتفع جبل ثلجي كتمثال من الجليد المقدس، يتسامى في سماء الشتاء كتاج بيضاويّ من النقاء. يلامس الثلج قمم الجبل بحنان، كأنما يُحاكي الرياح الشتوية بلغة الرقص الهادئ، ويُحاط بقشرة من اللون الأبيض الذي يتلألأ كالماس النقي. تتسلل الشمس خجولة خلف السحب، مسببة للجليد لمعانًا غير محدد، فتظهر قمته البيضاوية كجوهرة تحتضن أشعة الضوء وترسم بصمات ذهبية على قلب الطبيعة الساحرة. يتجسد الجبل كحارس لسراديب الثلوج، يروي قصص الزمن الطويل والأحلام الصامتة، ويخفي خلف زواياه البيضاوية أسرار اللحظات الساحرة...

تبا لك أيها الرجل الابيض!!!

أطرافي في حال ارتجاف لا يوصف، صدري ثقيل، وأشعر ان الجلد قد يسقط عني في لحظة. لما انا بعصافة على قمة جبل ثلجي؟ هذا ما اريد معرفته. اما ان الرجل الأبيض لم يكن له تحكم في عملية الانتقال، او ان في قلبه ذرة استياء مني لسبب أجهله.

كلانا متفقان على ضعفي، فلربما هذه واحدة من بين أسوأ نقاط البداية الممكنة لي. عموما... لا فائدة من توجيه الضغينة، بل الأولى هو محاولة النجاة بنفسي.

اتشوه!!! هل هذا هو العطاس؟ شعرت لوهلة كأن رئتي على وشك الخروج من مكانها. والآن، أنفي مسدود بمخاط سائل، فصار التنفس وحده تحديا. والتحول المفاجئ في درجة الحرارة جعل قلبي يضعف لبرهة.

أعتقد ان الخيار المنطقي هو إيجاد ملجأ ما قبل ان اموت بردا. برد، أقول انا؟ هذا هو البرد اذن؟ ليس سيئا على ما أظن. في الواقع، هذا الشعور القوي بالألم يخز كل شبر من جسدي يعزز لإحساسي بالحياة أكثر مما تصورت.

كيف يقتل البرد البشر على كل حال؟ لا يهم للوقت الحالي. يمكنني التعلم عنه أكثر لاحقا.

وتعلمت في الحين شيئا طريفا. بالضغط على بطني في حال الجوع، فانا أخلق وهما بكونها ممتلئة بإلصاق جدرانها الداخلية ببعض، فيخف الألم. والآن، بلف ذراعي على محيط جسمي أقوم بتدفئته بحرارتي الخاصة. من الطريف التفكير انّك تدفئ ملابسك الخاصة لأجل جعل الملابس تلك تدفئك لاحقا، او ان الشبع متعلق بحشو البطن لا القيمة الغذائية نفسها. جسدي غبي بالفعل.

حاولت الحفر من تحتي لبناء كوخ، لكني اكتشفت شيئا بسيطا. لا يمكنني لمس الثلج بيدي العارية. أيضا، تحريك كتل ضخمة منه لوحده تحدي بما يكفي، فلن اسارع للبناء بينما الريح القوية تهم لهده في الحين. هي مثل قلعة رمل جانب الشاطئ، الأمر عديم الجدوى وحسب.

من قريب، لمحت مجموعة من الأشجار الثخينة المتكتلة قرب بعضها، فأظن ان هذا قد ينفع كمأوى جيد لي للوقت الحالي. على الأقل، الأشجار نفسها ستعمل كحاجز جيد لصد الريح.

المشي حافي القديمة على الثلج كان صعبا، خاصة مع هذه الملابس الخفيفة التي عليّ، لكني تمكنت من الوصول بطريقة ما.

Beyond the Blank PageWhere stories live. Discover now