ظل يمزق صحوة اول دفء

24 2 7
                                    

عدت للكوخ بالكاد، وعليّ الإشادة بقدرتي على تمييز الاتجاهات.

مشكلة بسيطة، الرجل العدواني حينما صوب الفأس نحوي في مرة سابقة، انتهى به الامر بتدمير جدار للكوخ. والآن، حتى لو أوقدت به نارا، فلن يحبس الحرارة، ولن يكفي لصد الوحوش على هذا المعدل. وانا لا رفاهية لي لإصلاح هذا الشيء، او قدرة على نقل الخشب الثقيل.

ورطة... وانا متجمد مسبقا.

وبالنظر للكوخ من الداخل، اجده أوسع بقليل مما تصورت؛ به أربع غرف مغلقة، يمكنني اشعال النار في إحداها.

عملت على تفتيشه، وتبا لكم هو صندوق كنز لشخص بوضعية نجاة. حطب، لحم مجفف، أواني وقدور، أقمشة، أعشاب، ملابس شتوية (بعضها من مقاسي لسبب ما)، خناجر وفؤوس، ضمادات، خريطة، كتب، بوصلة، وحتى صابون.

وبالحديث عن الصابون، لقد نسيت بالمطلق أمر النظافة الشخصية. أعني، لا وجود لما هو أسوأ من الموت بسبب جرثومة وانت أبعد ما يكون عن أقرب طبيب. وهذا ذكرني كذلك انه قد حان وقت أخذ حمامي الأول.

قبل ذلك، تحسست وجودا شاذا زحف من ورائي، تحديدا نقطتي العمياء، فلمسني من ظهري قبل ان اشعر باقترابه مني.

هذا كان مخيفا، لحين أخذت نظرة لوجه تلك الفتاة الصغيرة. ولربما ليس من العدل وصفها بالصغر، فهي بنفس قامتي.

هذا سؤال جيد، أعني كم عمري الشكليّ. وبالحكم على طولي، فربما انا في العاشرة، والفتاة الغامضة هذه في الثانية عشرة تقريبا.

سألتني الفتاة "من انت؟ وأين أبي؟".

حسنا، هذه ورطة أخلاقية أخرى، تذكرني بما حصل مع الذئب. وطبعا، هذه الطفلة هنا لن تصمد في الجبل الثلجي وحدها، فهل أقتلها مثل ما فعلت مع جراء الذئب؟ ربما لا.

أعتقد ان ما مررت من خلاله جعلني اغير نظرتي قليلا. قصدي، الفكرة من ادب الصيد في السبب والمنفعة. لا سبب لي ولا منفعة من قتل هذه الطفلة. على أقل تقدير، بوسعي انزالها معي قبل تركها في دير ما، ولربما قد أنضم لذلك الدير بدوري.

قد أستفيد منها بشكل ما، بما انّي انوي الخروج من الغابة، حيث قد يصيدني أبيض طائر في أرض مفتوحة، فقد أرميها له.

المشكلة بكيفية اعلامها بموت ابيها، والادهى من ذلك انّي قاتله.

تذكرت ما حصل لي مع كيريو من وقت سابق، كيف ان ابتسامته لوحدها محت جزءا كبيرا من خوفي الاحترازي، فحاولت تقليده.

أردت التربيت على رأس تلك الفتاة، لكنها صفعت يدي، وانسحبت للوراء بضع خطوات، ثم وضعت يدها امام صدرها في وضعية حماية.

أخبرتها "انا صديق والدك، الذي طلب مني إنزالك الجبل حتى نقابله هناك".

بعد المجيء على سيرة ابيها، اطمأنت لي الفتاة، وازالت يدها عن صدرها؛ ثم رمقتني بنظرات تشبه الحيوان البري، الذي بدأ يُدجّن للتو.

Beyond the Blank PageWhere stories live. Discover now