هبوط وعر

14 3 4
                                    

26 يوما من حياة كيوس، أي أن هذا حصل هذا بعد يومين من مغادرة كيوس مدينة كروش.

وقع في مشهد عابر له جالسا على الخيمة الداخلية لعربة مجرورة من طرف زاحف ضخم. على كل من يمينه ويساره رجال مدرعون بسيوفهم الطويلة ونظرات حادة ذات طابع عسكري، هو وسطهم مثل سجين في طريقه نحو الحبس. وهذا ما كان مشهدا مألوفا له، لدرجة ان ما عاد يهتم.

ومن خلال دردشة الحرس مع بعضهم وما تمت مشاركته معه، تعلم كيوس التالي: كيف أن بعضا من التجار الوافدين بلّغوا عن سقوط المدينة، فأمر الامبراطور بكتائب متوالية لأجل الاستطلاع. هي ليست خسارة مدينة كاملة في ليلة واحدة، بل إعلان حرب وشيك ضد الجيش الأسود، لذا القارة البشرية الغربية كلها في قلق. ولنفس السبب، تم تجميد كل المعاملات بالشمال. بديهيا، هذا سيٌعصب الترحال على كيوس، فوق ما هو صعب اساسا.

ربما انت تفكر، لما تتم معاملة كيوس كسجين؟ الأمر معكوس في الحقيقة. الفكرة أقرب لكونه الشاهد الوحيد على ما جرى، فهذا جعله أقرب لكونه ضيف شرف. وقد حصل بالفعل على رحلة مدفوعة التكاليف للعاصمة.

الفرسان بالعربة عددهم ثلاثة، مع احتساب سائقها. أصغرهم سنا وأكثر سذاجة أحس بالسوء تجاه كيوس، لذا حاول إمضاء معظم الطريق في الرفع من معنوياته. أما كيوس، فقد كان في صمت، والهالات تكتلت تحت عينيه من قلة النوم والهم. هذا لدرجة ان الفارس الشاب مل منه. لكن من سيلومهما معا، فما حصل ذاك اليوم لم يكن سهلا على كيوس.

ساد الصمت، مدة، لدرجة ان الكل حفظ إيقاع العربة الرتيب والممل مع توالي وقع خطوات الزاحف الثقيلة، إلى أن قال كيوس بشكل عابر "ربما عليكم سلوك طريق مختلف، تلك العربة المحطمة لا تبشر بخير".

الخيمة على العربة كان لها باب امامي وخلفي على شكل ستار. كون كيوس بالمؤخرة، تمكن من لمح تلك العربة المحطمة على جانب الطريق. من شكلها يبدو واضحا أن ما أصابها لم يكن عاديا، بل كما لو ان تم تفجيرها بقنبلة هوائية أو رميها من ارتفاع شاهق. كانت مهمشة، حتى لا تعود قابلة للإصلاح بأي شكل. والمنطق السليم يؤكد بالفعل أن شيئا سيئا سيعترض طريقهم.

تفقد الفارس الشاب الأمر بنفسه، ما كان مثيرا للقلق. أجاب "أنت على حق". ثم استدار لواحد من ذوي الأقدمية، من كان قائد الكتيبة، يسأله "ما سبب هذا بنظرك؟".

لم يدع كيوس فرصة للرجل حتى يجيب، فقال مستعجلا "أظن أن علينا الدخول بين الأشجار تحسبا".

لا أحد أخذ نصيحة كيوس بتلك الجدية، ولا كيوس نفسه كان ليفعل لو كان بوضعهم. غير أن بطريقة كرتونية، رجفت اذن كيوس من تلقيها صوتا ما، فحاول القفز من العربة هربا من شيء ما "ليخرج الجميع حالا!!! انه قادم".

من قدمه امسكه قائد الكتيبة يجره للداخل بنبرة غليظة "اين تظن نفسك ذاهبا". الأوان قد فات بالفعل.

Beyond the Blank PageWhere stories live. Discover now