دفء نقابة التجار

10 3 1
                                    


22 يوما من حياة كيوس، بعد غروب الشمس.

امام مبنى خشبي يمكن وصفه بالصِغر، لدرجة يبدو فيها مثل البيت. هذا لحد ظن كيوس لوهلة انه أخطأ المكان.

بالمقارنة، فنقابة المغامرين مبنى متضخم على سطح باحة فارغة، بينما الخاص بالتجار أضيق محشور بين البيوت والأزقة، لولا اللوحة الخشبية المعلقة لما تعرف عليه كيوس.

تقدم نحو الباب على مهل، حتى فتحه دون قرع، فلم يكن مغلقا. والمشهد بالداخل كان أكثر هدوء وظلمة مما تخيل. الغبار متراكم، والستائر منسدلة، بينما مصدر النور من فانوس رجل طاعن بالسن على دفتر ورقي ثخين، جانبه عداد لا يتوقف عن النقر بخرزاته.

لمح كيوس العداد، فتحمس له ليقترب من الرجل دون أي دفاعات، وقال "هل هذا سوروبان؟ هذه اول أرى واحدا. يمكنني تجربة تحريك خرزة؟".

الرجل الكبير لديه تضارب حول كيفية تصرفه هذه اللحظة. حيرته تلك علت وجهه، ما جعل كيوس يستفيق لسلوكه العفوي الغريب، فاعتذر له.

الحماسة تلك ليست فطرية من كيوس بشكل كلي، بل نابعة من ذكريات رين. لسبب ما، يبدو ان هذا الاخير كان متعودا على استعمال واحد في طفولته. هذا حرك جسد كيوس بشكل ذاتي لمحاولة اللعب به بمجرد رؤيته.

قال الرجل "بنيّ، أخشى اننا قد أغلقنا بالفعل، فلو كان لك شأن هنا أتمنى منك العودة لاحقا".

كيوس أدرك متأخرا دخوله المبنى بعد غروب الشمس، وهذا يفسر الخلو وانسدال الستائر، لكنه تساءل ما قصة الرجل الذي لا زال بالمكان.

هذا الطيب هنا هو مدير الفرع الحالي من نقابة التجار. رجل أرمل، أطفاله انفصلوا عنه بعد ما كبروا، فهو وحيد، وله فراغ يعادل الوقت الذي لا يقضيه في العمل. بسبب الملل والوحدة فهو أول من يحضر لمبنى النقابة وآخر من ينصرف عنه. رغم انه تجاوز سن التقاعد، وله القدرة المالية على ذلك، الا انه قرر الاستمرار. ولا تزال معه صحة جسمانية لرجل بنصف عمره.

قال كيوس انه مهتم بالانتساب لنقابة التجار.

الرجل لم يضحك، لكن الاستغراب ما غلبه بدرجة أولى. ثم رفض ببساطة، بالنظر الى عمر كيوس.

كيوس رد بنبرة منمقة "انا مصدق بالحق القانوني الذي لا يحرمني من الانخراط بمؤسستكم التجارية هذه بذريعة العمر، ومصدق كذلك بقدرتنا على الاستفادة من بعض في إطار نزيه ومنظم".

هذه ليست مجرد كلمات تصدر من طفل عادي، لذا قرر الرجل اغلاق دفتر الحسابات، وتمضية الوقت بالدردشة قليلا مع كيوس، كونه قد اثار اهتمامه وهو ملول قبل كل شيء.

قال مبتسما "لربما انت على حق. لا زلت أتذكر كيف بعثني ابي للتتلمذ أول مرة حينما كنت بمثل عمرك".

Beyond the Blank PageDär berättelser lever. Upptäck nu