معمعة ريسا: عشاء الأمسية المتبل بالنبيذ

17 2 7
                                    

بمدينة كروش، تحديدا مقهى تفوح منه رائحة الحساء، جلست واحدة لربما انت تعرفها مسبقا.

شعر احمر قرمزي من اللون دم، على ملابس بألوان مقاربة له، جلست بصعوبة مع بطنها المنتفخة.

سأل الرجل الذي بموازاتها على نفس الطاولة "اذن، ريسا، كم تنوين المكوث هنا على كل حال؟".

اسندت وجنتها على يدها، ورمقته بابتسامة تحمل معنى مختلفا عن الألفة والاستلطاف، وقالت "من الجميل بالفعل رؤية بشري يحاول التودد لي باسمي الحقيقي، او تلك محاولة منك لتهديدي؟".

رد الرجل مع ابتسامة واثقة على وجهه "الاتفاق كان فقط في ادعاء انّي زوجك لحين نتجاوز نقاط التفتيش. ما دمت تدفعين، فلن أقوم باي شيء مشبوه".

لفّت ريسا بصرها في المكان، حيث تشبعت بطريقة مقرفة من الهدوء والمرح المحيطان بها "30 سنة من السلام، هذا كل ما تطلبهم الامر لنسياننا. سذاجة بالفعل، لا تدري كم اننا طويلو العمر وصبورون بشأن أهدافنا".

قال الرحل بسخرية "مخيف بالفعل، لكني كذلك تساءلت بشأن نظرتكم لنا كعرق".

فبدأت ريسا تمرير اصبعها على حواف قدح الحساء امامها، وقالت مهمومة ومستمتعة "حينما يغيب المزارع، فتظن الخنازير انها اسياد الحضيرة". صمتت برهة بسيطة قبل ان تكمل "أنه ليحزنني بالفعل النظر الى أراضي وسعها ان تكون ملكا لنا تحت سيادة خنازير لها اصابع، بينما نحن اسياد المكان نعيش مهمشين في الظلّ".

قال الرجل بجرأة زائدة، كما لو انه يلعب بعداد عمره "عنصرية اذن؟ رغم انّي اراه مجرد حسد. لو ان البشر خنازير لكم، فلما تتنكرون بأشكالهم؟".

قالت ريسا مع ابتسامة تحمل الكثير من معاني التهديد "حسد؟ صن لسانك، لعلي آكله دون قصد. كيف للملك ان يحسد واحدا من الرعاع. كذلك، انا أرى البشر مجرد شياطين بلا قرون. لما تظن اننا المتشكلون كالبشر، وليس العكس؟".

"وفي النهاية، البشر يرونكم آفة، بينما تحتاجونهم -أنتم- بشكل أو آخر، كغذاء"، قال الرجل.

بنفس الابتسامة أجابت ريسا "ومن قال اننا ننوي إبادة الكل؟ لا زلنا ندرس فكرة تأسيس مزرعة ملائمة".

قهقه الرجل، محاولا عدم الغوص أكثر في الموضوع.

فمررت ريسا يدها على بطنها المنتفخة، وقالت "هي مسألة وقت حتى يولد الملك الجديد من رحمي، فسيتجرع العالم من حرب أشد من سابقتها". صمتت من جديد، وقالت ساخرة من شخص غير موجود "ابن القمر كان غبيا بما يكفي حتى يتصور عجزنا عن صنع نسختنا الخاصة من كيوس 12". ضحكت ضحكة مهذبة عائدة لسيدة نبيلة، وقالت "التاريخ غريب بالفعل".

لم يفهم الرجل ما قيل، لكنه ابتسم متجاهلا كل تفصيل لم يهمه.

بشكل فجائي، دخل من الباب الأمامي طفل غير متوقع، وراءه زوج من الشباب يفيضان قوة.

لم تمنع ريسا نفسها من الابتسام، بعد ان تعرفت عليه "ماذا لدينا هنا يا ترى؟".

.

.

.

في ليلة ذاك اليوم، جلست ريسا على نار شمعة، تطالع مجلدا اقترضته من المكتبة، تحت عنوان "Afel".

أحست باقتراب حضور منها، والذي لم يكن خطيرا البتة، لكنها أغلقت الكتاب بعد ان تنهدت مللا واستسلاما.

دخل الرجل، لكن مع ملابس فاضحة تبين أكثر مما تستر، ولم يتردد ثانية في إنزال ذلك السروال.

قالت ريسا مع ابتسامة ومنكرة عليه "ظننت ان اتفاقنا شمل فقط ادعاء الزوجية وليس لعب دورها".

قال الرحل "أخشى انّي ما عدت قادرا على الصبر. ولا افهم كيف لوحوش مقرفة آكلة بشر مثلكم ان تكون بكل هذا الجمال. باختصار، انت تدرين ما سيحصل لو لم تنصاعي لي، صحيح؟".

سألته ريسا "ستفضحني وانا في قلب مدينة بشرية؟".

قال الرحل مع ابتسامة شهوة على وجهه، مصدقا ان له اليد العليا "بالضبط".

ردت ريسا مستسهلة "لا مشكلة. كنت انوي استرداد مالي بقتلك على كل حال".

قبل ان يكمل الرجل قوله "ماذا؟"، كانت رأسه قد وقعت على الارض بالفعل.

تنهدت ريسا، ثم قالت لنفسها "كنت في حالة من الصيام مدة، لكن بما انّي خارج العربة، فلن امانع الجموح قليلا".

Beyond the Blank PageWhere stories live. Discover now