وفي يوم عادي، وجد نفسه منفصلاً عن إيقاع الحياة الدنيوي.
كيريوس كان مجرد شاب في بداية رحلته، غير مدرك لمصيره البطولي، لكن بالرغم من ذلك وقف تحت الفلك كنجم الشمال، وهي أسطورة لم يتم نقشها باسمه بعد.
كانت لوحة السماء تحمل اسم "غروب الشمس"، ولكن هدوءها تحطم بضربة واحدة من سيفه، مما أدى إلى تشتيت تهديد وحشي من رأسه المشؤومة حتى نهاية ذنبه.
ما بدأ كمطاردة روتينية، بناءً على طلب من سكان القرية، كشف بشكل غير متوقع عن انقاذ كيريو لفتاة صغيرة عن غير عمد.
محجبة بالدماء، شكلها مغلف مستور بالحمرة القرمزية، كشفت عن نفسها في خوف، وشكلها الظليّ مزين بقرنين مزدوجين.
طفلة من الشياطين، معرفة سريعة برقة من سرعة بديهته التي تتجاوز حدة السيف.
عندما لاحظت السيف إلى جانبه، انسحبت، بحثًا عن العزاء خلف جذع شجرة قوي، وكانت وقفتها بمثابة شهادة على الخوف البدائي. فكر كيريو في الرهبة المنتشرة في نسيج الإنسانية، جنبًا إلى جنب مع الضعف المؤثر الذي شهده في هذا الطفل الشيطان. جلس القرفصاء ليقابل مستوى عينيها، ومد يده، لأجل ان يسد الفجوة بين عالميهما.
كان احتضانها، الناجم عن الحزن على أم فُقدت بسبب وحش، يتحدث عن إنسانيتها، متجاوزًا التصورات المسبقة عن نسبها الشيطاني. ومع ذلك، قاطع صوت دخيل لحظة عطاءهما، مما أجبر الفتاة على الارتماء في عباءة كيريو الواسعة.
"مشهد جميل، على الرغم من أنه خيار غير قويم منك"، قاطعه رين بصوت رخيم يسعه ترهيب القلوب الأكثر شجاعة، فما أدراك بمجرد طفل.
غضب كيريو مطالبًا بهوية الغريب. أجاب رين، الغامض والساخر، بالألغاز قبل أن يقترح مسارًا رهيبًا للعمل، وحث كيريو على قتل الفتاة. "انا الذي نظر الاعمى الى ادبي، واسمعت كلماتي من به صمم. عموما، دعك مني، وأنصحك بذبح تلك الفتاة هنا والآن. انت تدري جيدا ما تتعامل معه".
وأكد كيريو عزمه على حمايتها، متحديًا رؤية رين الضيقة للعالم بإمكانية تعايش العرقين مع بعض، والسفاهة من رفض الثاني لمجرد تبيان في الشكل.
سخر رين بقوله ان الفرق يتجاوز مجرد تباين في الهيأة، بل علاقة المفترس بفريسته. النمور ظريفة حينما لا تزال مجرد أشبال.
فرد عليه كيريو بقوله ان النمور كذلك تُستأنس وتصير صديقا حاميا للإنسان. ولو اعتنى بتلك الطفلة، فلربما تتحول الى جسر يربط بين البشر والنمور.
ألمح رد رين بروح من الدعابة الغامضة، إلى تحول في المنظور. عندما ألقى رين تعويذة لإخفاء قرني الفتاة، تعجب كيريو من فعالية السحر، لكنه وجد عجبًا أكبر في اعتيادية الفتاة المكتشفة حديثًا، فهي الآن تبدو مثل البشر بالضبط.
مع إخفاء هويتها، يمكن للفتاة الآن أن تعيش بين البشر، قال رين مع ابتسامة فخورة على وجهه.
بمودة، استفسر كيريو عن اسمها، فوجده ترجمة من رين، بما ان الشياطين لها لسان مختلف: "Rissa"، وهو لحن من المقاطع الأجنبية المشبعة بالألفة المكتشفة حديثًا.
لربما ان تكون تلك بداية صداقة عظيمة بينهما.
.
.
.
وسط غضب الجحيم المشتعل، وقف كيريو شاهدًا على المذبحة، وانهار عزمه تحت وطأة اليأس. واستمرت صرخات القرويين المتألمة، على الرغم من إسكات أصواتهم بسبب الحريق الذي لا هوادة فيه، ولم يترك سوى بقايا متفحمة من حناجرهم.
كيريو شد على وجهه من الألم، في مواجهة إدانة الذات. "هل هذا خطئي؟" همس، بصوت ثقيل بالندم.
اقترب رين، ومد يد العزاء على كتف كيريو. وأكد أن لهجته مليئة باللوم: "في الواقع، هذا هو الحال". "لقد أحضرت شيطانًا متنكرًا إلى مدينة البشر، فما المتوقع؟".
انطلقت ضحكات ساخرة عندما تدخل رين، مستمتعًا بألم كيريو "هل وجدت السلام الذي سعيت إليه بين هذه الأجناس المتباينة؟" سخر.
حفر اليأس خطوطًا من الألم على وجه كيريو وهو يصرخ قائلاً: "لقد بكت. والدتها قتلها وحش. لقد فهمت المعاناة الإنسانية. كيف يمكنها ارتكاب مثل هذه الفظائع مع كل هذا؟"
كان رد رين حادًا وخاليًا من التعاطف. قال ساخرًا: "إنها تفتقر إلى القلب. أنت، أيها الشبل الساذج، جلبتها إلى وسطنا. إنها لا تراعي المشاعر الإنسانية ولا حب الأم. ليست له ام أساسا، بل كذبت بشأنها، وبشأن ذاك الارتجاف. الشياطين الأدنى تتفوق في الخداع". "لقد كنت أعمى عن كل ذلك، دمية ترقص على أنغامها".
"لماذا لم تحذرني؟" كان صوت كيريو متشققًا من الألم.
كانت استجابة رين تقشعر لها الأبدان في بساطتها. "فعلتُ".
"لماذا لم تتدخل؟" توسل كيريو.
وكان رد رين مشوبًا بالاستسلام المرير. قال متأسفًا: "لأنك لم تستجب لتحذيري، فكان عليّ ان أريك بالطريقة الصعبة. هل تعتقد حقًا أنك كنت أول من حاول التعايش مع شيطان؟ هذه نتيجة وضع الثقة في غير مكانها الصحيح".
لف رين بصره نحو النار، وقهقه "لكنها حقًا رائعة. انظر إلى الدمار الذي أحدثته يد طفلة في غضون أسبوع. هذه الفتاة لديها مقومات".
في أعقاب الدمار، تردد صدى رثاء كيريو في الصمت، وهي شهادة مؤرقة على حماقة مُثُله العليا.
أنت تقرأ
Beyond the Blank Page
Adventureفي عالم تتشكل فيه الهوية من خلال الذكريات والتجارب، يجد الفرد نفسه غارقًا في بحر من عدم اليقين. يُعرف هذا الشخص الغامض باسم كايوس فقط، ويستيقظ بذاكرة حية واحدة وسط مساحة شاسعة من المرج الأخضر. مع عدم تذكر ماضيهم، يبدأ كيوس (Caius) في رحلة لاكتشاف ال...
