Beyond the Blank Page

الملك الأسود

في أعماق الهاوية المغطاة بالظلام العميق، صعدت أعمدة من النار الخضراء الأثيرية، وألقى وهجها المخيف إضاءة باهتة على الامتداد المقفر. من قلب هذا العالم السحيق، تردد صدى صوته، سيمفونية شريرة من الإيقاعات اللحنية التي بدت وكأنها تنسج في الهواء مثل خيوط الموسيقى الحاقدة.

"ولن أتوقف عن الزحف حتى يخمد لهيب آخر نفس"، ردد كلماته المليئة بالحقد والنذير.

خرج من الظل بلعنة مروعة، ثم تقدم بثبات نحو الضوء الضعيف. كل حركة مصحوبة باصطدام مقلق لعظامه العارية تحتك ببعضها. وكشف شكله، المغطى بملابس ممزقة، عن وجه هيكل عظمي يشبه مظهر الكلاب، وفكه المبطن أسنانا خشنة مسننة.

استلقى رين على الأرض، وقد أحبطت محاولاته الضعيفة للهروب بسبب الرعب الساحق الذي استحوذ على روحه. "قتلتك مرة، وسأعيدها" شهق وصوته يرتجف من الخوف.

أجاب Jorio برباطة جأش: "بني، انت قوي، لكني سأعود كل مرة". توقف للحظات وتابع: "بني، انت قوي، لكن لا شيء سوى اليأس ينتظرك، والموت للعزيزين عليك". قال مكملا: "بني، انت قوي، لكنك وحيد. لطال ما كنت كذلك".

"انت وحيد" تردد صداها في وجدانه. في أعماق روحه، تردد صدى الإعلان المخيف بصوت أعلى من الأرض المهتزة تحت قدميه، مما أدى إلى استنزاف حيويته واستنزف إرادة التحدي. كان إعلان العزلة المشؤوم يتمتع بقوة تجاوزت مجرد الهزات الجسدية، ولفه في عباءة خانقة من اليأس.

وبينما كان رين يحدق في المحجرين المجوفين لعيني جوريو، كان الأمر كما لو أن نسيج الواقع نفسه قد تمزق، وكشف عن هوة نارية تعج بالصرخات المتألمة لأرواح لا تعد ولا تحصى محكوم عليها بالعذاب الأبدي.

في خضم هذا المشهد الجهنمي، اخترق صوت جوريو الهادئ الهواء، محملاً باكتشاف ثقيل. "في كيمياء التجارة العادلة في الحياة، نحن نرث القدرات وفقًا لرغباتنا، ولكن ما الثمن الذي سندفعه في المقابل؟" سأل رسميا.

وجاء الرد منه هو ذاته "العملة هي إنسانيتنا".

"هل من الحماقة أن نسعى للسيطرة على الطبيعة قبل أن نسيطر على أنفسنا؟" ضغط جوريو أكثر.

وأوضح أن "تخلينا عن ضبط النفس الأخلاقي يجعلنا وحوشا غير مقيدة. ونتخلى عن اعتناق المنطق، ونخدع أنفسنا بالاعتقاد بأننا أقرب إلى المثالية". "إننا نضحي بإنسانيتنا على مذبح السلطة، لنجد أنفسنا وقد تضاءلت في أعقابها."

"باعتبارنا كائنات تغيرت بشكل لا رجعة فيه، فلن نتردد في إزالة جميع العوائق في طريقنا. ويظل السؤال الأهم: ما هو الثمن الذي أنت على استعداد لدفعه سعياً وراء اكتشاف الذات؟" تحدى جوريو.

انزاحت زاوية التصوير عنه، نحو رين الخائف. من ارتجافه لا تميز بينه وبين الطفل الصغير. شكله الحالي انعكاس لروحه المكسورة، ومظهره نسخة طبق الأصل عن ابنه كيوس، لا تفرق بينهما شكلا وصوتا.