اختبار الشرف من الذئب

17 3 4
                                    

32 من حياة كيوس بالكاد، اي ما يقرب اسبوعا عن سفره معادرا المدينة.

وسط غابة كثيفة، أغصانها متشابكة مثل القبة، تحجب كل ما فوقه من سماء، الا من نور بسيط. القمر المكتمل مثل خلفية معلنة بدء سيمفونية كاملة من ألحان عواء الذئاب، بينها واقفا مثخنا بالجراح.

كان متكئا على ركبته بصعوبة يحاول التماسك واستجماع وقفته، الى ان وجد سلسلة كاملة من الأنياب الكلبية امام وجهه. بما تبقى له من قوة متولدة عن خوف، تمكن من المراوغة جانبيا.

بنظرة تفيض غيظا، حول بصره متفقدا قطيع الذئاب المطوقة إياه. من لون وبرها القرمزي يمكنك التخيل انه ليست فصيلة طبيعية على هذه الأرض.

مرر يده على سطح خذه، حتى مسح الدم من على الجرح الذي كسبه قبل برهة. ثم استعمل نفس اليد، للمساعدة الثانية للشد على خنجره. مد قدميه بعيدا عن بعض، وحاول الحفاظ على ثبات وقفته.

الذئب من قريب لعق الدم من على نابه، فيبدو استمتاعه بالمذاق. طمعا في المزيد، انطلق نحو خصمه بلا حذر.

حاول كيوس التصدي لعضة الذئب بخنجر، لكن بسبب قوة الفك، علق هذا الأخير به، بحيث ما عادت له القدرة على استرجاعه من بين تلك الانياب.

ابتعد كيوس عن الذئب بوثبة طويلة واحدة، الذئب الذي بصق الخنجر بعيدا عنه للتو. ووقف الاثنين في استعداد لبدء اشتباك ثاني.

الذئاب الثانية مثل جمهور في حلبة، لزمت مكانها في انتظار من زعيمها السيد التصدي للغريب. بدون أي خطوات، فقط بقيت في حال من العواء تشجع نصيرها. بالرغم من ذلك، كيوس لم يشح بنظره بعيدا عنها، بل امتن لها في آعجاب غريب.

وثب الذئب نحوه من جديد، وبسرعة عالية، مع نية لاستهداف الرقبة.

تمسك كيوس بوقفته، وبآخر ما تبقى له من أسلحة، سدد هجمة. وبالأسلحة، فالمقصود هو الأداة المطلقة المسماة بـ"اليد".

الدخول في صراع قبضات مع ذئب، ليس أفضل اختيار، لكن هذا كان أمله الأخير.

طال الاشتباك بينهما، وسال الدم على الأرض، ما كان ممزوج المصدر منهما معا. كان خليطا من وابل لكمات كيوس المتتالية، وسلسلة من الخدوش التي ولدتها مخالب الذئب وأنيابه.

همست كولومبي مقاطعة الجو، كما هو معهود عنها "تدري ان بوسع الخنجر الانتقال الى يدك ذاتيا، لو ناديت عليه وحسب، صحيح؟".

تلك حلبة، وهذا كان قتال رجل لرجل. بالنظر للوضعية الحالية، فـ كيوس لن يتجرأ على الخروج بحركة رخيصة تجلب له فوزا مغشوشا.

الدم سال من قبضته، والجلد انسلخ عنها. جسده كاملا مسطر بالخدوش، وله بالكاد نفس متبق يساعده على الوقوف. لكن هو فعلا يقدر الروح التنافسية لذلك الوحش، فليست في نيته الاستلام. ليس لأجل شرفه هو، بل استجابة لشرف متحديه.

Beyond the Blank Pageحيث تعيش القصص. اكتشف الآن