معمعة ريسا: حب الأذية

8 2 1
                                    

في غرفة النوم بالفندق، وفي نفس الليلة، حيث حصل ما حصل بين كل من ريسا ورجل، وقفت هذه الأخيرة امام جسده مقطوع الرأس، تراقبه بمشاعر يغلب عليها التضارب.

فكرت مطولا، بالتالي:

هذه الرائحة؟ كان مخمورا اذن؟ قال شيئا عن انه سينزل لحانة ما. انا لم اره قبلا يسكر، لذا لم اميز انه ضعيف امام الخمر.

بدا لي متعقلا، فهذا منطقي الآن. السكر جعله يخرج بمثل هذا التصريح الغريب.

لربما كان عليّ الصبر لاستبيان الامر منه، والآن هو ميت.

هذه ليست اول مرة أقتل فيها انسانا، لكن هذا يضع بي شعورا غريبا لسبب ما.

حب؟ هذا أبعد ما يكون عن ان يتم وصفه به.

هل السبب في استمتاعي بتلك السفرية الصغيرة معه؟

لربما هو مجرد انجذاب لحظي ناتج عن تعودي عليه مدة أطول.

كان خيرا لي فعلا قتله قبل تطوير مشاعر غير ضرورية تجاه البشر.

هل فعلا كان الامر يستحق؟

لو وضعت حلمي وسعادتي في كفتين، فمن منهما أثقل؟

هل كوني والدة لملك سيجلب لي تلك السعادة، او ربما هدفي ببساطة تمثل في عيش حياة راكدة؟

لا. انا فعلا، فعلا، فعلا أحب اذية الناس.

ليس القتل وحسب، بل خلق أكبر قدر من المعاناة قبل الموت.

ترك بصيص من الأمل منارا، فقط لأجل سحقه لحظات قبل لمسه؛ هذا ما يسمى باليأس.

لو وقعت في حب هذا الرجل، لقتلته على الاغلب، حتى أختبر أكبر يأس منعكس علي.

فقط حينما اتمرغ في ذلك الشعور الظلامي أحس انّي حققت الغاية من وجودي.

انا لم اهتم قبلا بمحاولة التعلم عن البشر، لكن فعلا، التودد لهم قبل قتلهم يولد شعورا مختلفا من السعادة.

البشر مخلوقات معقدة، لهم تاريخ، أحلام، رغبات، مخاوف، تطلعات. حينما ادوس عليها جميعا، حينها تتحقق رغبتي الفوقية.

نشأ Tobias في مدينة Maristo الساحلية الصاخبة، حيث تدفقت التجارة مثل المد والجزر في المحيط. منذ صغره، كان منجذبًا إلى الأسواق النابضة بالحياة والمغامرة الواعدة التي تلوح في الأفق. بفضل سحره الطبيعي وحسه التجاري القوي، سرعان ما وجد توبياس هدفه كتاجر، يتعامل في البضائع الغريبة من الأراضي البعيدة.

ولكن وسط فوضى التجارة، وجد توبياس العزاء في صحبة شخصين كانا يعنيان له كل شيء، صديق طفولته، ماوس، وسيلينا الساحرة. كانت سيلينا ابنة تاجر ثري، وقد أسر جمالها توبياس منذ اللحظة التي وقع فيها عينيه عليها. على الرغم من اختلاف حالتهما الاجتماعية، شكل توبياس وسيلينا رابطة عميقة، وتقاسما أحلام المستقبل معًا.

ومع ذلك، كان للقدر خطط أخرى. بينما كرس توبياس نفسه لتجارته، أصبح ماوس وسيلينا أقرب، وازدهرت صداقتهما إلى ما هو ابعد. حزن القلب والخيانة، شاهد توبياس بلا حول ولا قوة بينما اختارت الفتاة التي أحبها صديقه عليه. وعلى الرغم من محاولته دفن مشاعره تحت واجهة من الرواقية، إلا أن ألم الرفض بقي مثل الظل على قلبه.

رفض توبياس أن يعترف بخسارته، وألقى بنفسه في عمله، وسافر بعيدًا وواسعًا بحثًا عن فرص جديدة. مع كل صفقة ناجحة، كان يسعى لإثبات قيمته واستعادة الإحساس بالهدف الذي تحطم بسبب خيانة سيلينا. ومع ذلك، في أعماقه، كان جزء منه لا يزال يشتاق إلى الحب الذي فقده، وتطارده ذكريات الوقت الذي بدا فيه العالم أكثر إشراقًا وكان المستقبل يحمل احتمالات لا نهاية لها.

لعب القدر لعبته حينما تم لم شمل الثلاثة معا في حدود مدينة كروش، مما مزق وزاد وسع الفجوة بين الكل. حاول توبياس كتم مشاعره الحقيقية، بمنافقة الاثنين لحين تنقضي السفارية. ولحسن حظه دخل بينهم انثى شيطان وسخة وفخورة. حينما تتراكم الرغبات في أضعف القلوب، يسهل استخراجها وتحويلها لما هو أقوى وأكثر فسادا.

نعم، "توبياس" لم يكن مجرد "رجل". وكل ما سبق، ما عاد له وجود، لأني قررت... قتله.

كان له مستقبل، ازلته. قدرتي على الحرمان وانتزاع المصير، الا تعني جوهريا انّي السيدة عليه؟

أنا فعلا شخص عظيم.

فعلا، غلبتني سعادة تقرب مرتي الأولى في حرق أول مدينة بشرية.

.

.

.

في تلك اللحظة، فردت ريسا يدييها بعيدا عنها في سعادة من اكتشافها شكل مختلفا من العذاب، وعن كم السعادة الناتجة عن إبادة كيان بعد التعلم عنه أكثر ما يمكن.

انحنت بجسدها حتى صارت بنفس مستوى الجثة، وما يمكنك رؤيتها بعد هو اسقاط ظلها من خلال الشمعة، وهي تتصرف بها مثل ما قد يفعل المفترس بالفريسة.

Beyond the Blank PageWhere stories live. Discover now