غزو الغيلان: اشتباك بالمدينة

15 2 11
                                    


عودة إلى اكنو.

ظن هذا الأخير ان بوسعه استغلال فرصة استخفاف ريسا به، لأجل الدفع بأقوى ما لديه تجاه القرن. وفي خضم هذا، فقد استنفذ كل ما كان له من عزيمة وقدرة على التحمل. وبعد جر عظيم، وقع خلاف ما أمل، فالسيف بيده قد كُسر.

بطرف العين، رأى اكنو كيف أن ريسا على وشك تحريك يدها، فعاد مستنفرا للوراء محاولا خلق مسافة. فبقي على قرب يراقب. غير أن ريسا لم يكن بنيتها الهجوم، بل تحسس قمة قرنها وحسب.

قالت مبتسمة تجاهه مثل عذراء خجولة "بما أن القرون أعضاء حساسة لبني جلدتي، فلمسها بلطف بمثابة عرض زواج. لديك اختيار جيد فيما يتعلق بالنساء، اعترف لك بهذا". طبطبت ريسا على بطنها، وقالت "لسوء الحظ ان لدي ارتباطا آخر مسبقا، فسأرفض".

"هي ليست جادة البتة"، فكر اكنو، وهو يحاول التقاط انفاسه.

قالت ريسا "ما رأيك أن تخبرني قصتك؟".

لم يستوعب اكنو تماما ما المقصود، لذا بقي في صمت وتجهم.

حينها حاولت ريسا التفسير، بعد اشارتها لجثة الرجل صاحب السوط، ثم قالت "تدري؟ الظاهر أن الوزير الأول اغتال الإمبراطور السابق، ومن خلف الكواليس يستغل سذاجة ولي العهد. الرجل هنا كان قائدا على فرقة ثوار شعبية، لكن تم محقها في الحين؛ ولم يتبقى له خيار سوى الهرب حتى حافة القارة، تحديدا هنا". ضحكت ريسا ضحكة مهذبة، غطتها بكم ثوبها الواسع، ثم أكملت "ما كنت لأسمع مثل هذه القصة لو حولته لغول في الحين، لهذا أنا ممتنة". فأزاحت بصرها نحو اكنو "وماذا عنك أنت؟ أعدك انّي لن اهاجمك ما لم تتوقف عن الكلام. هي فرصة جيدة لك، لعلك تلتقط نفسك، او ان تماطل بما يكفي حتى يحضر أحد لنجدتك".

سألها اكنو "الاستماع لقصص ضحاياك طريقتك الخاصة لحمل أملهم للمستقبل؟".

ردت عليه ريسا منكرة "ليس وكأني أحاول منح معنى لأفعالي، وليس وكأني احتاج ذلك بالأساس. تعلمت يوم أمس فقط أن التعرف على شخص قبل قتله أكثر متعة، وهذا ما في الأمر". ابتسمت نحوه ابتسامة ماكرة، وقالت "اذن، هل أكسبك هذا ما يكفي من الوقت لتحقيق ما تريد؟".

توازيا مع ذلك، كما لو أن سيلا من البرق الكثيف صٌبّ فوق رأسها مثل شلال. بدون تهاون، أصابها حيث كانت جالسة. ومن شدة وعظمة ذلك النور، ما عاد وجود لظل بتلك البقعة. حتى ان اكنو تخلى عن حذره، وغطى عينيه من شدة الإبهار.

في لمح البصر، ظهر فونتي مكهربا جانب اكنو، يشمت بوضعه المزر، وهو باعتقاد كامل ان هجمته السابقة فضت المعمعة.

انقشعت سحابة الدخان قبل أن تخرج منها ريسا واقفة، كما لو ان ما أصابها كان مجرد دش حار. ثيابها سليمة، ابتسامتها لم تتزحزح، ولم تبدي ذرة قلق على جنينها.

Beyond the Blank PageWhere stories live. Discover now