غزو الغيلان: تأمين القصر

9 2 1
                                    


على الجانب الثاني من الحدث، عودة لـ فونتي.

قصر النبيل يتوسط المدينة، تحيط به مساحة مسورة من الطوب المرصوص، التي تعمل كملجأ لاحتواء ما تبقى من الناجين. فوق السور رماة سهام ومستعملو سحر، الهدف منهم هو تأخير زحف الغيلان، بهجمات بعيدة المدى تفاديا العض، لكن عبثا يحاولون.

الغيلان تحسست تواجد البشر خلف الجدار، فهموا مسبقا بمحاولة تهشيم السورة الحجري بقبضاتهم العارية. رغم ان اللحم قد زال عنها، الا انها مهتمة بإكمالها عظما وبالأسنان. قطعا، وحوش أحادية البعد موجهة التفكير، ليس لها منطق، خوف، او ألم، فقط جوع لبطن ليس لها قاع.

بعض من الرماة لمحوا فونتي المحلق باتجاههما، فحاولوا اسقاطه، متصورين كونه فردا من الغزاة. غير ان ارتفاع تحليقه كان اعلى من ان تطاله أي من السهام العادية، لذا اقترب بأمان. ومثل مذنب حط على الجانب الداخلي من السور بسرعة جبارة.

بعض من الحرس المسيفين تقدموا على عجل، لكن أدركوا بسرعة هويته ومن يكون، لكن ردهم لم يحتوي على كثير من الاحترام.

دفع فونتي كيوس نحوهم عن طريق صفعة على الظهر، وقال "اعتنوا بهذا الطفل".

كان على استعداد للحاق اكنو، لكن بلمحة واحدة، غلبت العاطفة فونتي برهة بسبب المنظر المحيط به. ليس مجرد شعور بالعجز او الخوف من الاقتراب من الموت، بل ذعرا من ان التهديد جيش مشكل ممن كانوا مقربين لك في فترة ما. علت وجوههم نظرات هائمة في الفراغ، مفتقرين للإيمان بمن يحاولون الدفاع عنهم، يتصورون موتهم الوشيك.

تنهد فونتي. "لما عليّ العبور من خلال هذا الهراء؟"، فكر بصوت مسموع.

رفع فونتي بصره نحو السحرة الواقفين على السور، بدأ يتفقدهم واحدا واحدا. الى ان في نقطة، لمح مشعوذة، غير أن اهتمامه كان بعصاها السحرية.

حرك فونتي يده مستحضرا العصا بقوة تجاهه. ورغم ان المشعوذة جهلا منها بما يجري حاولت التمسك بها، إلا أن قوة جر فونتي كان أعلى. وفي النهاية، انتزعها منها دون التحرك من مكانه.

وهو ممسك بالصولجان، دقق فيه النظر، وهو يفكر "عديم الجدوى. فضة بيضاء بنقاوة 20% وقلب تنين مائي مكان النواة، لكن لا يمكن استعماله سوى لتضخيم السحر المائي".

قبض فونتي على تلك العصا الطويلة، ورفعها على ما يسعه. وبالرغم من أن ما من مصدر مياه قربه، الا ان الميوعة بدأت التكتل حول نواتها. وسريعة ما تحول الضباب إلى مياه صلبة، التي التفت على ذاتها بشكل زوبعة، صعدت متحدية السماء. منها انبعث صوت زئير وحشي عظيم لما يشبه التنين.

نزل من السماء، واخترق الأرض. مثل سيل جارف، محا كل الغيلان المحيطة بالقصر. مياه مثل إعصار من الشفرات، أيا ما يحتك بها يتحول الى لطخة من الدم. ولم يطل الامر الى ان تبدل لون التنين من الزرقة الشفافة الى الأحمر القرمزي.

Beyond the Blank PageWhere stories live. Discover now