غزو الغيلان: مداهمة في الزنزانة

18 2 9
                                    

24 يوما من حياة كيوس،

وراء القضبان، محاطا بجدران من القرميد، وعلى يديه معا اصفاد ثخينة مضادة للطاقة، جلس كيوس واضعا رأسه بين ركبتيه في إحباط.

في لحظة، بينما هو غارق في أفكاره، أحس بوخز من السحر تخلل جسده، لذا استغرب، ولم يكن له من يطلب منه تفسيرا.

الجميل ان كولومبي لم تقصر معه في أداء الواجب، لكن بأسلوبها المعتاد. ضحكت وقهقهت شامتة به، ثم قالت "من الجيد انّك لن تقلق بشأن اختبار التجار بعد الآن... كذلك التأشيرة". مشيرة الى ان سحر الجرس قد رُفع عن كيوس الصباح التالي من دخوله السجن.

رد كيوس ممتعضا "وفي نظرك، غلط من هذا؟"، محاولا لوم كولومبي على طرح فكرة الرشوة.

قالت كولومبي "انت... لم تكن لي سلطة عليك سوى أن وسوست لك، فانقدت ورائي. الفكرة فكرتي، لكن الفعل فعلك".

حجة منطقية بما يكفي حتى لا يجادل كيوس أكثر من هذا. هو في مرحلة يعي فيها متى يكون على غلط، لذا اعتذر من كولومبي "آسف لرفع صوتي عليك".

هذا لم يكن ادبا من كيوس أو محبة تجاه كولومبي، بل نتاج عن تصوره لها كمجموعة من القوانين أو قوى الطبيعة. لا يعتبرها انسانا من البداية، بل مجرد أداة طريقة استعمالها معقدة، لذا هو اعترف بخطئه لتوقع عكس طبيعة ما يعرف طبيعته مسبقا. بدلا عن لوم الماء لميوعته أو النار لحرارتها، لم الذي يحاول الشيّ بالماء وشرب النار.

هذا أيضا بات شعور كولومبي بالمثل، فلم يعد لها سبب للتضايق من لطف كيوس، بما أن هذا الفعل بات متعودا.

الشكل العام للطابق كان عبارة عن رواق طويل له زنازين على كلا الجانبين. كيوس في زنزانته جانب اكنو، والتي تتوازى خاصته مع فونتي. لو حشر كيوس وجهه بما يكفي بين القضبان، فهو قادر على رؤية فونتي النائم، بينما لا يدري شيئا عن جاره اكنو – هل هو صاح او لا.

محاولا بدء دردشة معه قال معبرا عن حاله "أليس من الغريب كيف أننا النزلاء الوحيدون في هذا الطابق؟". واستعمل كلمة "نزيل" عمدا كتهكم على حسن استضافتهم.

تأخر اكنو في الرد، لحين ظن كيوس أن هذا الأخير نائم، لكن في النهاية نطق متى لم يتوقع. "النبيل الحالي يحاول الاقتصاد في ميزانية السجون، لذا جل السجناء إمّا تم تسريحهم، اعدامهم، او اخذهم لأعمال التشييد. السجن بمثابة غرفة انتظار فقط لم تتم محاكمتهم (اكنو و فونتي) أو النظر في أمرهم (كيوس) بعد".

اكنو رجل مستقيم قليل الكلام، لشخص مثل كيوس، فمن الصعب جر المحادثة معه أطول من ذلك، لذا قرر الصمت. وعكس المتوقع، بعد بضع لحظت، اكنو نطق من تلقاء نفسه.

قال بنبرة مهمومة "ربما عليّ الاعتذار على جرك لهنا. لا تبدو لي مثل فتى سيء، لكني كذلك لم أدري ما عليّ فعله بك".

Beyond the Blank PageWhere stories live. Discover now