الفصل الثالث و الخمسون : لا ينفع

1.2K 67 16
                                    

الفصل الثالث و الخمسون : لا ينفع.
__________________
لم تكن مخططة لهذا التصرف بل أرادت فقط ان تحدثه إلا أنها في لحظة لم تستطع منع نفسها من الانجراف خلف مشاعرها الفياضة ...
و في غمر العناق وجدت نفسها تلقي بحملها عليه بدلا من أن تكون هي سنده و تواسيه ، و ودت لو تستريح على صدره لما تبقى من عمرها ، أن تنسى كل المشاكل و الحواجز التي تمنعهما عن بعضهما ...

غير أن هذا من سابع المستحيلات فجروحهما لا تزال رطبة لم يشفها الزمن بعد ، و كسورهما لم تُجبر ....
تنهدت مريم و ابتعدت عنه لتجده يحدجها مستغربا ثم انقلبت اساريره و هتف ببلادة :
- في لزوم اسألك الحضن ده بريء او وراه حاجة ولا لأ.

قلب عيناها بخنق و مطت شفتها بينما تعلق على كلامه :
- انت عارف اني مبقتش زي الاول خاصة بعد كل حاجة ما اتكشفت و اتوضح سوء الفهم ما بيننا.

تهكم عمار و ردد بنفي :
- لا مفيش حاجة اتوضحت لان مش بمزاجك يا هانم تتهميني و تبرئيني الاول انتي صدقتي اني ممكن اقتل ابني و هربتي بعدها صدقتي كلام ابويا و رجعتي طلعتي فيوم فرحي و فضحتي عيلتي و عملتي كل حاجة عشان تأذيني مبتقدريش تجي دلوقتي و تقولي انك مبقتيش زي الاول و سوء الفهم اتوضح يا مريم ... حضنك ده كان ممكن يحل مشاكلنا في الماضي لما كنا مع بعض مش دلوقتي.

انقبض قلبها وشعرت بغصة مؤلمة تحكمه جراء كلمات عمار ولكنها أدركت بأنه يحاول تفريغ غضبه و حزنه بها فعقدت يديها قائلة بهدوء :
- وانا محضنتكش عشان المشاكل تتحل بس انا عارفة كويس معنى انك تخاف تخسر أبوك لاني جربته من قبل بس الفرق بيننا اني ملقتش حد يخفف عليا علشان كده عايزة اكون جمبك زي لما انت كنت معايا في مرض عمي و فرح ابن خالتي ... بس كده.

صمت يستمع لكلماتها التي تنطقها بنبرة متحشرجة وقد استدعت ذاكرتها مشهد خسارتها لوالديها في نفس اللحظة نتيجة تعرضهما لحادث سير أودى بحياتهما و تركها يتيمة شكلت عبئا لعمها و زوجته ، ثم ذهب ليجلس على السرير و يرتشف قليلا من كوب القهوة قبل أن تقترب منه مريم متسائلة :
- الدكاترة قالو ايه.
- نوبة قلبية قوية بس حالته مستقرة دلوقتي و هيفضل تحت المراقبة الليلة ديه.
- طيب ازاي ده حصل قصدي هو كان تعبان من الاول ؟

هز رأسه بإيجاب :
- ايوة قلبه ضعيف وانا لما دخلت وواجهته مأنكرش بس اتصدم لما قولتله انك اتسممتي و اتصدم اكتر لما ... اتهمته.

حاد بعينيها نحوها و تابع :
- حسيته مش فاهم ولا عارف انا بقول ايه بس مقدرتش اركز من غضبي و قولتله كلام وحش اوي ... انا اتسرعت يا مريم ولو طلع مظلوم مش هقدر اعيش مع تأنيب الضمير من جهة ولا هقدر اعيش مع حقيقة انه كدب عليا و طلعني بصورة سيئة.

طالعته مريم بحزن تمكن منها و قسم قلبها لنصفين و شتمت نفسها لأنها أخبرته الحقيقة بهذه الطريقة و تسببت له بكل تلك المواجع بداية من اتهاماتها الباطلة عليه الى حين كشف غدر المقربين اليه.
و لكنها حاولت التماسك قدر الإمكان فربتت على كتفه مهمهمة :
- انا مرضتش اواجهك عشان كده مكنتش عايزاك تحس بالوجع ده ولا اواجهك بالطريقة ديه يا عمار صدقني ... و احتمال كبير يطلع ابوك بريء واللي عمل فينا كده حد تاني.

نـيـران الـغـجـريـةWhere stories live. Discover now