الفصل العشرون : غربة قلب

1.6K 83 2
                                    


" تعلم ألا تلوم أحدا على اختياره ما لم تضعك الظروف مكانه ، لو دخلت لقلب من تستنكر صنعه لأشفقت عليه.
فلا يدري بقلوب العباد إلا رب العباد ! "

أدار المفتاح في مزلاج الباب و فتحه ليلج للداخل بخطوات هامدة و أعين جامدة ، منذ قليل فقط كان يقود سيارته بسرعة إلى هنا على أمل إيجادها و لكن عندما إتصل في منتصف الطريق بالحارس و الذي أخبره أن السيدة لم تأتي إعتصر قبضته و غلت الدماء في عروقه.

ألقى نظرة مطولة على الأرضية الملطخة بقطرات الدماء دون أن يرف له جفن و إستحضر في ذاكرته مشهد مريم صباح اليوم وهي فاقدة الوعي.
ثم إشتدت عضلات وجهه متذكرا عندما غادر غرفتها في المستشفى كي ينهي إجراءات الخروج ولكنه تفاجأ بإختفائها عند عودته و رؤية سريرها فارغ و قد تركت خاتم الزواج !

حينها جن جنونه و صرخ على الأطباء و الممرضات و هددهم بمقاضاة مشفاهم إذا لم يجدوا المريضة المختفية حتى أنه لم يصدق أنها تركته بملء إرادتها إلا عندما رآها بواسطة كاميرات المراقبة وهي تسير حافية في الرواق تضع يدها على بطنها بينما اليد الأخرى تستند بها على الجدران و ملامحها كلها تدل على التعب و الإرهاق ... اللعنة إلى أين ذهبت مريم وهي بهذه الحال ... و لماذا ؟!
لمح هاتفها الملقى أسفل الأريكة فإنحنى ليأخذه متأملا أن يكون فيه شيء يدله على مكانها ، دقق عمار في سجل المكالمات و رسائل الهاتف و حتى رسائلها على جميع حساباتها في مواقع التواصل المختلفة لكنه لم يجد شيئا ...

هي لم تتكلم مع أحد إلا صديقتها هالة و عمها و زوجته هؤلاء الثلاثة فقط من تتواصل مريم معهم و بالفعل منذ إختفائها وهو يتتبعهم و أوكل رجاله بحراستهم فربما أحد منهم يخفيها عنه بطلب من تلك المجنونة.

تحرك و سار بإتجاه غرفة نومهما ثم جلس على الفراش ضاغطا بيديه على أطرافه و عدة أفكار تغزو عقله الآن.
قبض عمار على فكه بتزمت متذكرا نفسه وهو يجوب الشوارع بحثا عنها حتى وجد نفسه يقطع طريق رفيقتها البغيضة و يستجوبها بحدة عن مكان مريم ... و لكن هالة تفاجأت عندما علمت بإختفائها بل و انصدمت صارخة عليه بأنه السبب فيما حدث.
رفع عمار يده يدلك عنقه المتشنجة مناشدا إستقراره العقلي و بدأ يفكر مليا ... مريم غادرت فجأة و كانت في حالة مزرية لا تسمح لها بالتحرك كثيرا إلا أنها إختفت ولم يستطع رجال كثيرون إيجاد أثر لها ...
هل من الممكن أن تكون مريم تواصلت مع أحد لا يعرفه قبل وقوع الحادث و خططت معه لعملية الهروب هذه ثم حذفت رقمه ؟
هناك إحتمال كبير لحدوث هذا و لكن سحقا كان عمار سيعلم كل شيء لو تنصت على مكالمات آخر شهر لزوجته إلا أن التعطل المفاجئ لتطبيق المراقبة من على هاتفها حال دون ذلك.

ولم يجد وقتا لتصليح نظام كاميرات المراقبة و كأن الكون كله تعاون ليمنعه من معرفة شيء عنها فهاهو يجلس مثل الأحمق جاهلا مكان زوجته واللعنة ألف مرة على ذلك.

نـيـران الـغـجـريـةWhere stories live. Discover now