الفصل السادس و العشرون : التحدي

1.5K 78 2
                                    

صدر طنين مزعج من حوله فأزعج غفوته ، و اختار العقل العودة إلى الواقع بعد رحلة الاوعي التي عاشها ...
و بحلق جاف و أنفاس شائكة أطبقت كالسلاسل الحديدية على صدره ، باعد جفنيه عندما تبعثر ثقلهما بضوء الشمس ...

و تعطلت مداركه لثوان  عندما ارتطمت نظراته بالسقف ، فشابك حاجبيه محاولا استيعاب الوضع و التفريق بين الخيال و الواقع ، و تاه في دوامة ألقت به في النهاية على شاطئ الذكريات !

تأوه بألم و إرهاق عندما شعر بشيء يوخز جلده فرفع رأسه قليلا ليجد رجلا يقف على رأسه و يتمتم بكلمات مبهمة أدرك بشكل ما أنها تعاطفية كمن يحمد الله على سلامته ...

أخيرا توضحت الرؤية لديه و بدأت مداركه الحسية بالعودة إليه ، و استوعب أنه مستلق على فراشه عاري الصدر و ذلك الرجل ما هو سوى طبيب العائلة.
تدحرجت عيناه في زوايا الغرفة بضياع فهتف الطبيب بعملية :
- حمد لله على سلامتك يا عمار.

همهم بدون رد ثم رطب حلقه الجاف و تساءل بصوت متهدج رغم معرفته الإجابة :
- دكتور حسين ... ايه اللي حصلي.

- ضغطك نزل و أغمى عليك .... كويس ان سعاد هانم لحقتك لأن حالتك كانت سيئة جدا.

و بالفعل كان شاحبا كالأموات عندما استدعوه على وجه السرعة ليرى ما به ، لدرجة أنه فكر كيف للمرء أن تسوء حالته فجأة بسبب الضغط النفسي ، نعم الدكتور حسين يعلم ما تمر به العائلة هذه الأيام و يدرك جيدا أن عمار من الأشخاص اللذين يكتمون مشاعر الغضب و التوتر و العصبية بداخلهم إلى أن ينفجروا و لكن من غير الممكن أن يكون هذا فقط ما كاد يقتله !

بدأ الطبيب بإلقاء أسئلته الروتينية حول ما اذا تعرض لهذه الحالة مسبقا او بالغ في تجرع  دواء معين كان له تأثير سلبي عليه و عمار يرد عليه بإيجاز حتى سحب عينات دم منه فقال الأخير بضيق :
- انت بتعمل ايه ضروري يعني نعمل تحاليل.

أجابه بجدية و عملية مطلقة :
- ضروري طبعا بما انك رافض ترد عليا و تقولي انت بتاخد ايه بالضبط يبقى لازم نعملك Blood test ( تحليل الدم ) عشان نعرف اذا حالتك سببها ضغط نفسي بس ولا عندك مشاكل عضوية كمان.

هز عمار رأسه بوجوم وقد بدأ يستعيد توازنه مجددا بفضل المحلول الموصل به ، ثم شرد في الاشيء بينما يكمل الطبيب كلامه قبل إنهاء فحصه :
- الف سلامة عليك ، ياريت متتعبش نفسك و تاكل و تشرب كويس عشان صحتك ، و كمان لو في ادوية بتاخدها من غير روشته طبية الأحسن انك تبطلها و كده كده كل حاجة هتبان مع نتيجة الفحص.
- طيب ممكن لما النتيجة تظهر تقولي عليها انا الاول.
- اكيد.

غادر الأخير فتأفف عمار وهو يمسد جبينه بإرهاق مستمعا للضجة خلف باب غرفته ، و بعد دقائق دلف والده و السيدة سعاد إليه التي هرعت تمسك يده و تمسح بالأخرى على وجهه مرددة بلهفة :
- حبيبي انت كويس حاسس بتعب لسه ، ايه اللي حصلك بس انت كنت كويس ازاي وقعت كده.

نـيـران الـغـجـريـةWhere stories live. Discover now