صدر طنين مزعج من حوله فأزعج غفوته ، و اختار العقل العودة إلى الواقع بعد رحلة الاوعي التي عاشها ...
و بحلق جاف و أنفاس شائكة أطبقت كالسلاسل الحديدية على صدره ، باعد جفنيه عندما تبعثر ثقلهما بضوء الشمس ...و تعطلت مداركه لثوان عندما ارتطمت نظراته بالسقف ، فشابك حاجبيه محاولا استيعاب الوضع و التفريق بين الخيال و الواقع ، و تاه في دوامة ألقت به في النهاية على شاطئ الذكريات !
تأوه بألم و إرهاق عندما شعر بشيء يوخز جلده فرفع رأسه قليلا ليجد رجلا يقف على رأسه و يتمتم بكلمات مبهمة أدرك بشكل ما أنها تعاطفية كمن يحمد الله على سلامته ...
أخيرا توضحت الرؤية لديه و بدأت مداركه الحسية بالعودة إليه ، و استوعب أنه مستلق على فراشه عاري الصدر و ذلك الرجل ما هو سوى طبيب العائلة.
تدحرجت عيناه في زوايا الغرفة بضياع فهتف الطبيب بعملية :
- حمد لله على سلامتك يا عمار.همهم بدون رد ثم رطب حلقه الجاف و تساءل بصوت متهدج رغم معرفته الإجابة :
- دكتور حسين ... ايه اللي حصلي.- ضغطك نزل و أغمى عليك .... كويس ان سعاد هانم لحقتك لأن حالتك كانت سيئة جدا.
و بالفعل كان شاحبا كالأموات عندما استدعوه على وجه السرعة ليرى ما به ، لدرجة أنه فكر كيف للمرء أن تسوء حالته فجأة بسبب الضغط النفسي ، نعم الدكتور حسين يعلم ما تمر به العائلة هذه الأيام و يدرك جيدا أن عمار من الأشخاص اللذين يكتمون مشاعر الغضب و التوتر و العصبية بداخلهم إلى أن ينفجروا و لكن من غير الممكن أن يكون هذا فقط ما كاد يقتله !
بدأ الطبيب بإلقاء أسئلته الروتينية حول ما اذا تعرض لهذه الحالة مسبقا او بالغ في تجرع دواء معين كان له تأثير سلبي عليه و عمار يرد عليه بإيجاز حتى سحب عينات دم منه فقال الأخير بضيق :
- انت بتعمل ايه ضروري يعني نعمل تحاليل.أجابه بجدية و عملية مطلقة :
- ضروري طبعا بما انك رافض ترد عليا و تقولي انت بتاخد ايه بالضبط يبقى لازم نعملك Blood test ( تحليل الدم ) عشان نعرف اذا حالتك سببها ضغط نفسي بس ولا عندك مشاكل عضوية كمان.هز عمار رأسه بوجوم وقد بدأ يستعيد توازنه مجددا بفضل المحلول الموصل به ، ثم شرد في الاشيء بينما يكمل الطبيب كلامه قبل إنهاء فحصه :
- الف سلامة عليك ، ياريت متتعبش نفسك و تاكل و تشرب كويس عشان صحتك ، و كمان لو في ادوية بتاخدها من غير روشته طبية الأحسن انك تبطلها و كده كده كل حاجة هتبان مع نتيجة الفحص.
- طيب ممكن لما النتيجة تظهر تقولي عليها انا الاول.
- اكيد.غادر الأخير فتأفف عمار وهو يمسد جبينه بإرهاق مستمعا للضجة خلف باب غرفته ، و بعد دقائق دلف والده و السيدة سعاد إليه التي هرعت تمسك يده و تمسح بالأخرى على وجهه مرددة بلهفة :
- حبيبي انت كويس حاسس بتعب لسه ، ايه اللي حصلك بس انت كنت كويس ازاي وقعت كده.
YOU ARE READING
نـيـران الـغـجـريـة
Mystery / Thrillerتتقاطع طرقهما و تتصادف الأقدار لتجمعهما معا .... في ظروف غامضة و خارجة عن المألوف .. بين طرفين معاكسين لبعضهما .... أحدهما يمثل القناع المزيف للصورة المثالية لأي شخصية ذات قيمة في المجتمع ، و يستغل نفوذه ليتذوق لذة ضعف الآخرين أمامه ... و الطرف الآخ...