الفصل الحادي عشر : هوس قاتل.

1.7K 72 4
                                    


" لقد كنت أحترق ،بينما جئت أنت تلومني على رائحة الرماد "

شعرت و كأن الكون يطبق عليها فيخنقها ، أو أن هناك من يقبض على روحها فيهشمها دون رحمة ، بالنسبة لها كانت رؤيتها له وهو واقف أمامها يناظرها بتصلب كأقسى كابوس عاشته لحد الآن فإختض قلبها بين ضلوعها و إرتعشت مفاصلها في محاولة بائسة للثبات مكانها و عدم الإندثار أرضا !!

دمعت عيني مريم و حادت برأسها الى عثمان الذي يطالعهما بتسلية مريضة ثم بررت فخرج صوتها متقطعا :
- انا ...انا ك ... كنت ....

- في ايه مالك ؟
قاطعتها نبرته اللينة وقد حدجها بهدوء غريب لترفع وجهها إليه بتعجب و إضطراب أكثر ، لم يكن هذا السؤال الذي تنتظره منه أبدا توقعت أن يصرخ و يسب أو حتى يضربها - مع أنه لم يفعلها يوما - لكن يبدو أنه لم يستمع لحديثهما أبدا ، إذا لماذا ينظر لها بهذه الطريقة ؟؟

عاد عمار يسأل وقد لمحت عيناه وجود ذلك الشاب الذي لا يستلطفه :
- و كنتو واقفين بتعملو ايه ؟

أحست مريم بالجفاف يكتسح جسدها بأكمله و بشفتيها و قد سحب لونهما الإعتيادي لذلك قررت البوح بما كانت تسمعه من إهانات لكن عثمان قاطعها مبتسما :
- كنت بدور على أمي تعملي شاي بس ملقيتهاش فأصريت على بنت عمي عشان تعملهولي مش كده يا مريم ؟

نطق بآخر جملة رامقا إياها بخبث خبأ خلفه تحديا واضحا " لن يصدقك أحد إن تكلمت و زوجك سيلومك أنتِ على ما إقترفته أنا بحقك " ، فتمالكت الأخرى أنفاسها المتسارعة و تلعثمت بيأس :
- اه ... ايوة صح.

هتفت بها محاولة عدم التطلع الى وجه عمار فإنقباض فكه الواضح و عينيه المحتدتين يزيد خوفها أضعافا الآن ، بينما تابع عثمان بسماجة :
- الصراحة الشاي اللي بتعمله مريم بيجنن و أكيد انت جربته قبل كده و عارف السبب اللي مخليني متشوق ... ادوقه من ايديها.

أطلق عمار ضحكة صغيرة قبل أن يغلغل أصابعه مع أصابع يد زوجته هاتفا ببرود :
- و للأسف هتفضل مشتاق ليه ومش هتشربه لأني واخد مراتي تقعد معايا معلش.

سحبها بتريث و مريم تحدق فيه بذهول ... كل ما يفعله يوضح أنه لم يسمع شيئا اذا لماذا عليها الخوف فهي لم ترتكب إثما بل الوغد من فعل لذلك فلتكف عن التفكير لا داعي للإنشغال فهما سيغادران بعد قليل فقط.

***بعد مرور نصف ساعة.
إستقام عثمان واقفا و قال :
- انا هستأذن امشي عشان رايح اودي مراتي لبيت أهلها ، اتشرفت بمعرفتك يا استاذ عمار.

مد يده يصافحه ليفعل الآخر المثل وهو يبتسم بدبلوماسية ثم إستدار الى مريم يحادثها :
- مع السلامة يا بنت عمي ابقي زورينا تاني و متطوليش علينا.
- ان شاء الله.

ودع والديه و غادر تاركا إياها تطالع فراغه ببغض و تلعنه في سرها ، لتسمع الأخير يردد بهدوء :
- انا رايح الأوضة اعمل مكالمة شغل ولما اخلص هنمشي فورا و اهي فرصة تقعدي مع أهلك و تودعيهم.

نـيـران الـغـجـريـةWhere stories live. Discover now