الفصل الواحد والخمسون : إنشطار القلب

1.1K 70 1
                                    

أضواء خافتة زادت حلاوة اللحظة ، و نسمة خفيفة شحنت بحرارة جسدين ملتحمين ألقى الليل عليهما بستاره ، فأغمض عيناه يغوص في فجوة مجهولة ، يستقبل هجوما مفاجئا من المرأة التي كانت تصرح بكرهها ونفورها منه منذ وقت قليل فقط ، و لكن هذا الهجوم كان من نوع خاص !!
قلبه انخلع من مكانه ، و قلبها تمرد من تحت صدرها المتقافز فاِنشطر لنصفين ، نصف له و نصف ردم تحت انقاض آخر ذرات كره كانت توجهها اليه ، لتعترف بداخلها في هذه اللحظة أنها و اللعنة ... لا تزال غارقة في عشقه حد النخاع !

ومن خلف ستار مشهدهما استرقت النظر عليهما عيون متفاجئة و أخرى مستنكرة ، و حدقتان خضراوتان ماطرتان بدموع الجرح ، عينا ندى التي تماسكت بصعوبة طوال رقصتهما وهي ترى كيف يطالع عمار المرأة التي دمرت حياتها حتى قبلها غير عابئ بمشاعرها ...
تلك الذراعان كانتا تحاوطان خصرها هي في السابق ، و ابتسامته الوقورة كان يوجهها نحوها عندما كانا يرتادان للحفلات معا.

و رغم ان ندى تدرك جيدا بأنه لا وجود لفرصة تجمعها مع الرجل الذي تحبه إلا أنه لم يسعها سوى أن تحزن و تشعر بالقهر يجلدها وهي تراهما هكذا ! تنهدت بحسرة لتلمح يدا تمتد أمامها و صوت مألوف يقول  :
- Will the princess let me dance with her?  ( هل تسمح ليه الأميرة برقصة معها )

التفت الى يوسف فرأته يبتسم لها بلطف و إعجاب فبادلته إياها ووضعت يدها على خاصته ماضية معه لمنصة الرقص ...

على الجانب الآخر كان عمار لا يزال غير مستوعب لما حدث منذ قليل عندما راقصها حتى وجد نفسه يدمغ شفتيها بقبلة مفاجئة ارتعدت بها ضلوعه ، ابتعد عنها بعد ثوان و طالعها بصدمة ثم نظر الى الحضور وكتطان البعض مركزين عليهما أما البعض الآخر اعتبروه شيئا عاديا ولم يهتموا كثيرا.
و لكن الغضب الواضح على وجه والده و عمه جعله يتفطن فتمتم مستهجنا :
- انتي ... عملتي ايه.

ردت عليه ببساطة :
- انت اللي عملت مش انا.

- احنا هنهزر ماانتي اللي ضربتيني و خليت ... استني معقوله عايزة تسببي فضيحة تانية هنا و تقولي اني جبرتك و غصبتك ع البوسه كان لازم اتوقع.

تضايقت مريم من فكرة أنه لم يعد يثق بأي تصرف يبدر عنها و يعتبر كل شيء خطة او مؤامرة ضده ولكنها كفت النظر عن ذلك و ابتسمت هاتفة بسماجة :
- لا متقلقش مش هعمل حاجة وبعدين اوعى تكدب وتقول ان البوسه مش عاجباك.

عاد عمار الى طبيعته و رفع حاجبه مراوغا :
- لا عجبتني بس انا عايز اكتر.

تزعزعت ابتسامتها و ملأ التوتر و الإندهاش تقاسيم وجهها وكأن دلو ماء بارد ألقي عليها في منتصف فصل الشتاء لتدرك فجأة حقيقة الموقف الذي وضعت به نفسها فقط بسبب رغبتها في استفزاز الناس اللذين يعتقدون بأنها أصبحت بدون فائدة فعادت الى رشدها و همست :
- انا ... عايزة امشي.

نـيـران الـغـجـريـةWhere stories live. Discover now