الفصل الخامس و العشرون : دمار شامل.

1.4K 72 0
                                    

" كلما كان الحب قويا ... كلما كان الجرح أعمق ...
و كلما كان الجرح أعمق ... كانت ردة الفعل أقسى "

فتحت باب الشقة و دخلت بخطوات متثاقلة ، ووجه ذابل تناقض مع حالته الظاهرية منذ ساعات.
روحها مختنقة و غير مبالية لدرجة أنها لم تكترث إلى الصحافة التي كانت تلتقط صورها أثناء مغادرتها القصر و إلقاء أسئلة غبية عليها ، ولا بالحراسة التي كانت تتبعه ...
ولا حتى بالبواب الذي كان يرشقها بنظرات منصدمة و فضولية عندما أدرك أنها غادرت الشقة بدون أن يلاحظها.

لم تعد تهتم بنظرات الآخرين ولا بكلامهم ، عاشت ما يكفي من عمرها وهي متخوفة من الناس حتى استنزفت طاقتها ، جُرحت كرامتها و خُذلت ثقتها و تعرضت للغدر بما يكفي ، و الآن ستعيد رص قطع الشطرنج ، و الخطوة الأولى قامت بها بالفعل !

فضيحة من العيار الثقيل ضربت بها عائلة البحيري حتى أردتهم في مقتل ، صعدت على المنصة و كشفت الزواج السري لإبن رجل الأعمال و صاحب حفل الزفاف ،كشفت زيف السمعة التي يتحلى بها عمار البحيري و أوقفت الزواج بأكثر الطرق إذلالا فجعلت وجوههم تقطر حرجا.

كل شيء كان مخططا له ، بداية من طريقة ظهورها و تمثيلية خضوعها حتى تسللها من الشقة و إقتحام الحفل بدعوة مزيفة.
لقد بدأت تخطط و تربط الخيوط ببعضها منذ إعلان خطوبته على إبنة عمه قبل حوالي سنة ...
عادت إلى القاهرة و قصدت دخول المطعم الذي ذهب إليه عمار و ندى كي يراها الأخير و يبحث عنها فيجدها و يعنفها لترسم له الوجه الخائف و الضعيف ، خدعته زاعمة رضوخها لسلطته عليها و جعلته يتوهم حبها له و في النهاية فضحته إمام مئات الحضور.
و لكن .... هي ليست سعيدة !

بعد كل ما فعلته لا تزال روحها مجروحة .... لا يزال قلبها متضررا.
رفعت مريم رأسها لمرآة طاولة الزينة تناظر صورتها فصدمت مما رأته ، عينين ماطرتين بدموع الكحل الأسود.

ليست دموع ضعف ، بل دموع قهر و نقمة و غضب ، غضب من هيأتها التي كرهتها بسببه ، و كره و حقد ملآ قلبها حتى فاض.

إسترجع عقلها بتلقائية صورة عمار و هو يجلس في المطعم مع خطيبته و يقبل يدها ، ثم وهي تتأبط ذراعه متألقة بفستان الزفاف فيلقي لها إبتسامات لم يكن للأخيرة نصيب منها يوما ...
ثم إنقطعت الذكرى و بزغت مكانها أخرى لعمار وهو يهينها و يكسر كبرياءها بعدما أخبرته بأنها تحبه و طلبت منه إعلان زواجهما ... و المقطع الذي ظهر فيه يخونها مع إبنة عمه التي كان يقبلها على السرير وهو عاري الصدر .. ثم ..

وضعت مريم يدها على صدرها شاعرة بالإختناق وقد تعذر عليها التنفس ، الذكريات إنهالت عليها بدون رحمة لتحرق روحها مجددا كالسابق ، و لكن هذه المرة كانت تعد نفسها برد الصاع صاعين لكل من أذاها ، إلا أن هذا لم يكفي لمحو صورة الخائن الذي وقف يسألها بكل دناءة عن سبب فعلتها ...

نـيـران الـغـجـريـةWhere stories live. Discover now