الفصل الثاني والستون : أنى للماضي أن ينسى.

1K 50 1
                                    

الفصل الثاني والستون : أنى للماضي أن ينسى.
_________________
كان المشهد يعاد بحذافيره أمامه ، و بنفس التفاصيل حرفيا.
الرجل الذي رافق كوابيسه طوال السنوات السابقة و كان كظل أسود نغص عليه حياته و حولها إلى رماد هو نفسه صاحب اليد التي تقبض على عنقه الآن قصد قطع أنفاسه ، إنه عمه ! شرخ جديد يصيبه وخيانة أخرى تجزعه و لكنها كانت من أسوء الخيانات !

غامت عيناه تحشرج مدمدما بكبت :
- انت اللي كانت أمي بتخون بابا معاه ... ازاي ...

انقشع غضب عادل و تحول لذهول فأطلق سراحه و تراجع الى الخلف يناظر عمار الذي بدأ يستعيد نفسه و أصبح متأرجحا بين الصدمة و الخذلان ، لم يكفه كل ما جعله يخسره بل اتضح أيضا أنه خان أخاه بأبشع طريقة !
اللعنة كيف حدث هذا ، إنه شقيقه الذي تربى معه و أعطاه محبته كيف خدعه و اِنتهك شرفه ثم تابع حياته ببساطة هكذا ، اتضح أن الوغد الذي بحث عنه طويلا كان يعيش معه تحت نفس السقف و يأكل معه على مائدة واحدة و لكنه لم يعرفه.

يا الهي ما أبشع الحقيقة ، ليته لم يتذكر و ظل يعيش على تلك الكوابيس التي كانت أهون بكثير بل يا ليته مات  عندما دفعه عادل من أعلى السلم في ذلك اليوم.
بقي عمار جالسا على الأرض مطالعا الفراغ بنظرات ميتة ووجه متخشب حتى انقشعت الغمامة السوداء عن عينيه و حولها الى عادل الذي تلجلج و تراجع للخلف فنهض الآخر و همهم بصوت قاتم :
- انا افتكرت ... انت اللي حاولت تخنقني وبسببك وقعت من على السلم انت اللي ... كنت مع أمي و حذرتني مقولش لحد.

- انت بتقول ايه اتجننت يعني انا مش فاهم قصدك.
تهدج عادل بإضطراب ووجه شاحب كالموتى محاولا المراوغة وهو لا يصدق لحد الآن أن اليوم الذي كان يخافه قد وصل و تذكر عمار كل شيء بسبب مواجهتهما إلا أن تقاسيم عمار الذي نهض على قدميه بينت له عدم وجود مجال للكذب أو الإخفاء ، و رغم هذا ظل يردد :
- لسه مبطلتش تخاريفك ديه.

هز الآخر رأسه هاتفا بجنون :
- نفس الوش ونفس الصوت ... انا كنت مدرك ان الشخص اللي كان معاها هو حد بعرفه بس تطلع انت ...

ارتعشت يده على زناد المسدس مصوبا إياه على عمار لكن في النهاية أخفض هاتفا و هو يتنهد :
- يعني في النهاية افتكرت كل حاجة اهو ... ذاكرتك صحيت اخيرا.
تعرف اني بعد الحادث كنت كل يوم بصحى من النوم و اطلع من اوضتي وانا مستعد لأخويا اللي هيجي يحاسبني لاني زقيت ابنه من على السلم بس الأيام عدت وانت كبرت وبقيت معتمد ع نفسك يعني كنت هتواجهني بنفسك لو افتكرت كل حاجة بس بردو توقعاتي متحققتش ... لكن دلوقتي اخيرا الانتظار انتهى.

حدجه عمار بذهول و غضب هستيري وهو يسمعه يعترف بكل سفالة ، و في اللحظة التي اقترب منه كي يهاجمه أوقفه عادل مشهرا السلاح ضده :
- اوعى تتحرك والا هفجر دماغك !

جز على أسنانه مضطرا للتوقف مفكرا بأنه على الأقل يجب عليه التريث من أجل لعنه و التأكد من أن عمه سينال جزاءه بما أن عمار سيموت هذه الليلة في كل الأحوال بهذا المسدس المصوب عليه.
لكنه لم يتحمل وهو يهمس بصوت مختنق :
- ليه ... يا *** انت ازاي عملت كده ازاي بتخون أخوك ... انت خنته مع مراته بدل ما تعتبرها زي أختك.

نـيـران الـغـجـريـةWhere stories live. Discover now