الفصل الأول : على نسق الإيقاع.

3.4K 97 6
                                    


"و كان أكثر ما يميزها ...
شعرها المموج ... بشرتها السمراء ... كحل عينيها الثقيل و أحمر شفاهها الفاقع ... وتلك الشامة أعلى شفتيها ...
ثم يأت خلخال قدمها الرنان ... والذي مع كل رنة منه يهتز قلبه معه ... و يزيد رغبته بها !"

على الساعة الثامنة مساء ، داخل ذلك القصر الذي يعد من أضخم القصور في القاهرة و أطولها تاريخا ، ذو الجدران العتيقة الواسعة و الثريات الضخمة المتدلية من الأعلى تعطي إنطباعا عن مدى حسن ذوق صاحبه في إختيار ما يليق لمثل هذا المبنى العظيم ....

  قصر البحيري حيث تعيش فيه العائلة المتكونة من الجدة الكبرى و ابنها رأفت رجل الأعمال الستيني و زوجته و ولده ، و شقيقه الأصغر عادل البحيري المتزوج من فريال لديهما إبنتان إحداهن متزوجة و تقيم في بلد أروبي و الأخرى فتاة جميلة في منتصف العشرينات تدعى ندى و يلقبها الجميع بالقطن الأبيض نظرا لشدة بياض و صفاء بشرتها و لطافتها في التعامل مع الآخرين ...

نجد الخدم هنا و هناك يسرعون في أشغالهم تحت الأوامر الصادرة من تلك المرأة ذات المظهر الراقي و الشخصية القوية ، انها سعاد هانم الزوجة الثانية لرأفت البحيري و ابنة خالته في نفس الوقت.
و هاهي  تملي التعليمات على العمال   تخبرهم بضرورة ما يجب فعله قبل وصول إبن زوجها عمور الله الغائب منذ 4 أشهر و الذي سافر إلى إحدى البلدان لمتابعة أعمال العائلة من هناك و سيعود اليوم ....

تنهدت بقلق وهي تتطلع الى الساعة لتسمع صوت سلفتها فريال الضاحك :
-  سعاد كل حاجة جاهزة عشان الإستقبال مفيش داعي للقلق ده اهدي شويا.

نظرت لها بتلبك :
- كأن عمار اتأخر هو اتصل و قالي هيرجع بدري بس الساعة عدت 8 و لسه مجاش يا ترى حصلت معاه مشكلة في ....

قاطعها صوت زوجها الذي نزل للتو من غرفته :
- محصلش اي مشكلة هو بخير انا اتصلت بالشوفير و قالي لسه طالعين من المطار ومش هيطولو.

استدرك مستهزئا :
- طبعا لان ابنك المدلل مرضيش يرد على اتصالاتي ف اضطريت اطلب الغُرب علشان يطمنوني عليه.

- رأفت !
أوقفته بلهجة عتاب و نظرت لفريال التي حمحمت قائلة :
- انا طالعة اشوف ندى عن اذنكم.

تركتهم و صعدت بينها استدار الأخير لزوجته :
- بتبصيلي كده ليه انا بكدب يعني ؟ ماهو فعلا عمار مش معتبرني أبوه و طول عمره بعيد عني و بيتجنب اي تجمع ابقى انا موجود فيه !!

صمتت سعاد لوهلة ثم أردفت بتريث :
- لأنك محاولتش تكون أبوه يا رأفت .... من لما أمه الحقيقية اتوفت و اتجوزتني بقى منعزل عن الناس ولما بدأ يحبني بعد مجهود كبير مني انت بعته لمدرسة داخلية ومحدش كان بيزوره غيري انا و جدته ، اللي عمار بيعمله ده نتيجة لأفعالك وانا نبهتك كتير و قولتلك القسوة بتولد الجفا ولو مقربتش من ابنك وهو صغير مش هتقدر تقربله لما يكبر.

نـيـران الـغـجـريـةDonde viven las historias. Descúbrelo ahora