الفصل الثالث و الأربعون ( الجزء الأول ) : القرار لكِ.

1.1K 70 1
                                    

تفاعل على البارت ، قراءة ممتعة
الفصل الثالث و الأربعون ( الجزء الأول ) : القرار لكِ.
__________________
" مهما كنت صادقا في حديثك ، ستجد من يكذبك !
ومهما كانت تصرفاتك صحيحة ستجد من يتهمها بالخطأ !
هكذا هي طبيعة البشر ... لا شيء يسير وفق رضاهم " # حين_ينطق_الصمت
فزع و نفور ، صراخ صامت و حركة مشلولة ، ألسنة نار مشتعلة تكاد تلتهمه بلا رحمة ...
ثم صوت بعيد ، و لمسة على الكتف إنتشلته من الهاوية ...

تفرق جفناه مستيقظا من تلافيف الظلام فصرعت خلاياه وهو يرى نفسه واقفا على حافة الشرفة.
- عمار مالك يا بني ؟

بلغته الكلمات مشوهة من طرف صاحب اليد الذي تمسكه بعد ان تناثرت بقاياها وهو يسحبه ناحيته فاِفتر حلقه عن تأوه لم يتبين بسبب حلقه الجاف و تفاجأ عمار عندما وجد والده يقف أمامه و على وجهه قسمات الرعب و الذعر.
ظل يرمقه لثوان صامتا فهزه رأفت بقوة مجددا :
- عمار ابني انت سامعني ؟

هنا استيقظت باقي حواسه و ادرك ما حوله فاِلتفتِ سريعا لجثة مريم الهامدة داخل الغرفة لكنه لم يجدها ، نظر ناحية اليمين أين كانت تقف والدته فرأى أن طيفها قد تناثر ، و انمحق كالقمر حينما تبزغ أول خيوط الشمس فجرا !
لقد غرق في نوبة هوس مجددا و لكن هذه المرة أقوى من سابقاتها فهو أوشك على إلقاء نفسه من الشرفة التي تبعد عن الأرض بمئات الأمتار !
أدرك عمار هذا بينما يناظر أباه فأغمض عيناه يزفر بإختناق قبل أن يهمس :
- انا .. انا سامعك ... انا كويس.

هز الآخر رأسه بذهول وهو يعيد تنظيم أنفاسه التي اِنقطعت لوهلة مما رآه.
يتذكر أنه منذ دقائق كان مع شقيقه عادل في المكتب و عند ذهابه لينام لمح باب غرفة عمار مفتوحا و تصدر منها همهمات لم تلتقطها أذناه بشكل واضح فظن ان ابنه يحدث أحدهم على الهاتف ...
و حين ذهب ليغلق الباب تزعزع قلبه من مكانه وهو يراه واقفا على حافة الشرفة ويبدو أن صلته بالواقع انقطعت تماما لأنه لم يسمع مناداته و للحظات ظن أنه يحاول القاء نفسه لذلك ركض ناحيته سريعا و أمسكه ...

استيقظ رأفت من شروده و سحب عمار على حين غرة ليحضنه بقوة مرددا :
- لثواني حسيت قلبي هيقف الحمد لله انك بخير.

تشتت الآخر ولم يسعفه خموله ليندهش من عناق أبيه أو ينفر منه فظل متسمرا مكانه دون أن يبدي حركة واحدة و هذا ما جعل رأفت يتشجع و يشدد عليه بشوق لحضن ولده الوحيد الذي حرمه منه بكل طواعية منذ سنين طويلة ..
بعد دقيقتين انتشل عمار نفسه مهمهما :
- انا كويس ... مقدرتش انام فجيت للبلكونه عشان اشم شوية هوا.

ارتخت أعصاب رأفت فضيق حاجباه بتوبيخ غالبه العتاب :
- قمت وقفت ع الحافة و غمضت عينيك ايه اللي كان هيحصل لو فقدت توازنك او رجلك زلقت.

بل كان سيرمي نفسه بكل طواعية و يتحول لجثة هامدة في ثوان لو أن والده لم يحضر في الوقت المناسب ، هذا ما فكر به عمار وهو يحدق فيه بصمت مدقع أثار حسرة الآخر فتنهد و سحبه من يده الى السرير و جلسا عليه.
رمقه قليلا ثم تكلم بتأنيب ضمير :
- انا ضغطت عليك اوي في اخر فترة صح مكنش ينفع اعمل كده و اضايقك اكتر بس والله عشان مصلحتك و من خوفي عليك.

نـيـران الـغـجـريـةWhere stories live. Discover now