الفصل الثلاثون : العدو المتخفي.

1.4K 70 6
                                    

الفصل الثلاثون : العدو المتخفي.

_______________
" تسأليني يا نبض ، لماذا لا يتقاتل الناس بالأخلاق ؟
فأضحك و أجيبك : كيف تريدين للحرب ان تخاض بأخلاق اذا كانت بالأساس عملا منافيا للأخلاق ! " #.نبض #.أدهم الشرقاوي.

صدر طنين بالجانب من أذنيها فأزعج غفوتها ، و إختار دماغها العودة إلى الوعي فطفق يرسل إشارات إلى سائر جسدها ليستيقظ من سباته.
رمشت عيناها بثقل وكأن هناك غيمة سوداء رزحت عليهما ، و استطاعت فتحهما بصعوبة وهي تتأوه جراء تحريكها لمعصم يدها اليسرى الملفوفة بالشاش.

- صحيتي اخيرا يا برنسيسه.
وصلها صوته الشجي من العدم فإلتفت برأسها ببطء لتجد عمار جالسا على طرف السرير مميلا عليها بإبتسامة ، همست بإسمه ثم تعلقت خضراوتيها الباهتتين بالسقف في ضعف و عدم تركيز محاولة استوعاب ما تعيشه الآن حتى بدأت تتذكر ما حدث معها شيئا فشيئا ...

بعد ليلة قضتها في دموعها مستمعة لتقريع والدتها التي لامتها على محاولتها لحفظ كرامتها ثم أخبرتها بكل قسوة أنها كانت تتمنى لو رزقت بطفل ذكر يرفع من شأنها شعرت ندى بالدنيا تدور حولها و أن حياتها الآن بلا معنى.
فدخلت إلى الحمام التابع لجناح غرفتها و جلبت شفرة حادة لتقطع معصمها بدون تردد و تخر ساقطة على الأرض غارقة في دمائها مستسلمة للموت ... و لكنها لم تمت !

شهقت ندى دامعة عينيها فإمتدت يد عمار تمسحها قبل أن يهتف بنبرة مازحة تخللها بعض اللطف :
- طول عمري بسمع منك اني واحد رخم و بعصبك بس معقول تكرهيني لدرجة تحاولي تنهي حياتك عشان متتجوزنيش.

نجح في إستمالة تركيزها وهي تعقد حاجبيها مستغربة كلامه :
- ازاي يعني.

كان صوتها مبحوحا ضعيفا بالكاد وصله لكنه ضحك و أردف موضحا :
- يعني انتي امبارح قولتي انك مش عايزة تتجوزيني بس فريال هانم اتعصبت و زعقتلك وقالت الجوازة ديه هتم غصب عنك قومتي عملتي ايه قطعتي شرايينك اللي هو الموت ولا اني اتجوز عمار ...
والله عيب في حقي تفضحيني كده مالي اهو شاب حليوة مفضوح وزي العسل هو احنا جربانين مثلا.

انسابت ضحكة من شفتيها من مزاحه النادر ثم عادت للعبوس مفكرة أنها حاولت الإنتحار ليس لأنها لا تود الزواج منه ، بل لأنها كانت تتأمل عودته اليها بعد إنتهاء المشاكل من أجل إعادة سمعتها و سمعة عائلتها الضائعة غير أنها انصدمت و جرحت كرامتها بشدة عندما قال عمار بأنه لن يأخذها زوجة له وأنها تستحق رجلا أفضل منه.

أفضل منه ؟ أي رجل سيكون أفضل من عمار في التمثيل و الخداع ، أي رجل سيكون أفضل منه في إخفاء الأسرار ، و أي رجل سيقبل بها غيره بعد الذي حدث !

إستمر عمار في التحدث معها و عاتبها بحنان عما فعلته بنفسها لأن لا أحد يستحق أن تُنزف دماءها لأجله حتى لو كان هو ، كان يمسح على شعرها تارة و على يدها المجروحة تارة أخرى و يكلمها حتى إستقام واقفا و ردد بهدوء بكلمات مفادها أنه لديه عمل الآن و سيعود إليها بعد أن ينهيه.

نـيـران الـغـجـريـةWo Geschichten leben. Entdecke jetzt