الفصل الثامن : أوبال.

1.9K 73 15
                                    

"كانت تشبه حجر الأوبال الأنيق ، الفريد من نوعه ..
كانت حريصة كل الحرص على أن يكون قلبها ملجأ للسكينة ..
فجعلت همتها بضخامة و روعة أمانوس." # مقتبس.
في هدأة تلك الليلة التي نامت فيها بعد تفكير طويل في حديث صديقتها حول ضرورة  توضيح ماهية علاقتها بالمدعو زوجها و الوصول الى قرار نهائي يؤكد إستمراريتها من عدمها ، إخترقت عوامل من المحيط الخارجي أحلامها و انقشعت عنها غفوتها عندما شعرت بلمسات خفيفة تمرر على كتفها العاري ثم خصلاتها فجعلت نواقيس الخطر تدق أبواب الاوعي و تنبهها.

كعادتها فهي ذات نوم ثقيل ، لا تستيقظ بسبب تحرك شخص بجانبها أو صدور أصوات حولها لكن بمجرد ما ان تحط يد ما على أي جزء من جسدها تنتفض حواسها بإدراك و هذا ما فعلته مريم عندما تبينت وجود دخيل عليها في هذا الوقت من الليل ففتحت عينيها بإتساع و شهقت جالسة تطالع ذلك اللي يجلس مقابلا لها في غير إستيعاب.

إستغرب الآخر تصرفها الذي يظهر فزعها المبالغ فيه لكنه تغاضى عن ذلك هاتفا :
- ده أنا اهدي.

حدقت فيه لوهلة بحاجبين مقتضبين و اعتقدت أنها لا تزال نائمة و تراه في حلمها لكن عندما مرت عليها الثواني و إتضحت الرؤية من عينيها النعستين أدركت أنه أمامها حقا فرددت بذهول :
- عمار انت بتعمل ايه هنا ؟

تراءى لمريم أنه يبتسم بعبث و تسلية عند رؤية إرتباكها وهي تعدل رداءها ذو الألوان المزركشة الذي إرتفع ثم ترتب خصلات شعرها المموج الذي صففته على شكل ضفيرة طويلة و بعض خصلاتها موصولة بخيوط ملونة جميلة فتنحنحت مرددة بتلبك خافت :
- مقولتليش انك جاي .... و الا كنت استنيتك.

أجاب عمار وقد ندم للحظة على قدومه المتهور  :
- الساعة لسه 10 المسا في حد بينام في الوقت ده ؟

- ها ... ااا انا قاعدة لوحدي و مفيش حد اكلمه حتى الكتب اللي جبتهالي قريتهم كلهم و لقيت نفسي معنديش حاجة اعملها فقولت اتعشا و أنام أحسن.

ردت عليه مريم في توتر جلي من حضوره المفاجئ و ادرك هو ذلك فإستطرد :
- انا افتكرت حاجة كان لازم اعملها من زمان و لقيت ان ديه الفرصة المناسبة و محبتش اضيع الوقت بما ان معنديش شغل دلوقتي عشان كده جيت.

رفعت مريم رأسها تطالعه بنظرات متعجبة ومترقبة في آن واحد فأمسك عمار يدها و أخذها الى الصالة يجلسها على الأريكة الجلدية و يجلس أمامها بملامح جامدة أثارت التحفظ بداخلها فتمتمت :
- ايه اللي جيت تعمله انا مش فاهمة.

أطلق نفسا عميقا ثم أدخل يده في جيب سترته الداخلي و عيناها تتبعان حركته حتى رأته يخرج علبة قطيفة حمراء صغيرة و يقدمها نحوها ، ما هذا الذي يحمله بيده ، هل ما تفكره به صحيح ؟

أما عمار فتفرس بتدقيق في قسماتها المنفرجة ببلاهة  و أعجبه كون أنه يثير هذا القدر من التلجلج بداخلها و القدرة على فرض سيطرته عليها ، رغبة ملحة جعلته يود المزيد من خوفها هذا لكنه تخلى عن أفكاره لفترة مؤقتة و حمحم بخشونة :
- لما خرجتي اخر مرة وانا شوفتك لاحظت ساعتها انك مش حاطة حاجة تبين انك متجوزة و ملك راجل ، عشان كده فكرت اجبلك ديه و بالمرة تكون هدية جديدة ليكي.

نـيـران الـغـجـريـةWhere stories live. Discover now