الفصل الثاني والخمسون

1K 62 12
                                    


" أحيانا ... لا نحتاج للأعداء لكي نعرف معنى الأذى   "
( - انتي مش اول واحدة دخل معاها عمار في علاقة زي ديه.
- انا مش محتاج اكدب عليكي لو حبيتي تقدري ترجعي و تسألي عمار اذا كلامي صح ولا غلط ... قولتلك انك مش اول بنت في حياته ولو شغلتي دماغك شويا هتفهمي اني بقول الحقيقة ...
عمار زيه زي أي شاب تاني عنده نفس المقومات هو عرف كتير قبلك و بعدك  بس كانو للتسلية و حتى انتي زيهم لكن الفرق الوحيد انك كنتي صعبة المنال شويا علشان كده اضطر يكدب عليكي و اشتراكي من عمك بفلوسه. )

بينما تجلس بجانبه في السيارة ، راحت تسرد عليه أحداث ذلك اليوم بالتفصيل عندما كانت مريم ستتصل بعمار ففوجئت برأفت الذي صادفها و أخبرها بأن غلطة يجب عليها تصليحها لكي لا يضيع إبنه زير النساء ، و أخبرته أيضا بالمبلغ المالي الذي أعطاه لها مقابل ألا تخرج أمام عمار مجددا ...
لم تنسى أي حرف بل حرصت على إعلامه بكل شيء فهي لا تريد الوقوع في فخ الكذب مجددا.
و عندما انتهت ، نظرت اليه فوجدته بتقاسيم وجه جامدة ، عيناه مظلمتان ويبدو كمن كبر بعشرين سنة في بضع دقائق فقط.

لم ترد مريم أن تتواجه معه بهذه الطريقة لأنها تعلم مدى الألم الذي سيعاني منه عمار ، لقد تعرضت هي لنفس الخيبة في السابق من عمها و زوجته لذلك تعلم جيدا مقدار سوء ما سيشعر به.
أما عمار ... فلم يحد بصره عن المقود الذي يحدق فيه منذ ركب السيارة ، و لكن عقله كان مكان آخر كليا.

و قلبه انشغل بِعدِّ أجزائه التي انشطرت ومن الواضح أنه سيعجز عن لملمتها هذه المرة ، كان يشعر وكأن الجمرات تشتعل في صدره او سياط من نار تجلده بلا رحمة ، أو حتى ان العالم أظلم عليه فلم يعد يقوى على رؤية لون غير الأسود.
كم عدد الخيبات التي يستطيع المرء أن يتصدى لها في حياته ؟ أو كم العدد الأقصى للخيانات التي يتعرض لها الإنسان منذ ولادته لحين مماته ؟

لقد لاقى الكثير في منذ طفولته ، إهمال والده و خيانة أمه ، زوجة اتهمته بأبشع الأشياء و مؤامرات من قريب لا يعرفه ، و الآن يكتشف بأن الرجل الذي بدأ يفكر جديا في أن يسامحه ويفتح معه صفحة جديدة هو من طعنه للمرة الثانية !
ولم يكن جرح عمار بخصوص أن رأفت جعله يظهر بهيأة القاتل و أبعد زوجته عنه أكبر من جرح كرامته المهدورة و كبريائه الذي نزف دما لأن أباه قد قتله عندما شوه سمعته و نكل بجثته لسنتين !

احتشدت أنفاسه بداخله و تصببت قطرات العرق من جبينه و احمرت عيناه فبدى كوحش بشري جريح ، و قطع الغضب خلاياه ليضرب بقبضته على المقود و ينطلق بالسيارة بسرعة مخيفة أرهبت الجالسة بجانبه ولكن مريم لم تنطق بحرف أو تعترض لأنها رأت مدى آلام عمار في هذه اللحظة.
بعد دقائق وصلا الى الشركة و أرسلها عمار لقسمها أما هو فنهب الأرض وهو يمشي عليها بخطوات واسعة ووجه جامد لفت الأنظار اليه.

و عندما اقتحم غرفة مكتب والده الذي كان يرص علب الأدوية أمامه ليتناولها في الميعاد المحدد له من الطبيب ، رمقه بإزدراء و كره نضح من عينيه ليتعجب الآخر ويقول :
- في ايه يا عمار.

نـيـران الـغـجـريـةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن