الـــخـــاتـــمـــة ( القسم الأول )

1.1K 54 1
                                    

الـــخـــاتـــمـــة ( القسم الأول )
💖💖💖
" لو كُنتُ أملكُ أن أهديكِ عيناي لوضعتهما بين يديكِ، ولو أملك أن أهديكِ قلبي لنزعته من صدري إليكِ، ولو أملك أن أهديكِ عمري لوضعت أيّامي تحت قدميكِ "

كانت فصول السنة لا تختلف لأنها متشابهة بالنسبة إليه ، و الليل لا يفرق عن النهار بشيء ، حتى جاءت هي و أضافت لونا مبهجا لحياته الرمادية جاعلة قلبه يمر بعدة فصول اِرتكنت في النهاية على موسم الربيع الذي لم يكتفِ هذه المرة بنثر بهجته و زهوره في المحيط فقط بل أزهر قلبه و جعله يخفق حبا بدل النبضات ... و هي كانت ربيعه ! 
تنهد بمزاج رائق ناظرا للجمع من حوله في أضخم حفل أقيم هذه السنة على شرف زواج إبن رجل الأعمال عمار البحيري ، حيث تم حجز أكبر قاعة لإقامة الزفاف ذات طابع كلاسيكي رومانسي مستوحى من ديكورات إسبانية تطل على البحر و تتسع لألفي شخص بزينة و تنظيم فاخرين يليقان بفخامة العائلة ، و رغم أن مريم كانت تود زفافا بسيطا يكفي لإعلان علاقتهما إلا أنه لم يرضى بهذا معللا بأنها تستحق ماهو أكثر بكثير.

نظر عمار إلى ساعة يده مدققا في الوقت بعدما جاءت سعاد و أخبرته بوجوب حضور العروس الآن فهز رأسه بإيجاب و صعد على درجات السلم بحماس تدفق في عروقه و نبضات مجنونة كادت تقلع قلبه من مكانه ، ما يزال لحد الآن لا يستوعب حقيقة أن القدر جمع بينهما مجددا بعد كل ما حدث.
منذ سنة ونصف عند إقتحام الغجرية لحفل زفافه كان يظن بأن الروابط التي جمعت بينهما في يوم من الأيام قد اِنتهت حيث كانت هي متأججة بالحقد و الكره أما هو فكان في صراع بين شوقه و غضبه و هواجسه التي لا تنتهي إضافة لعدة حواجز تفصل بينهما حينها كان مجرد تفاهمها فقط يعتبر من سابع المستحيلات ولكن هاهو اليوم يرتدي طقمه الأسود و يصعد لغجريته التي أصرت على ألا يراها فستان الزفاف الخاص بها قبل أن يقام الحفل.

و حان تلك اللحظة ، و توقف العالم من حوله عندما توقفت قدماه عن المشي و رآها تطل عليه وهي تتأبط ذراع عمها من يمينها و خالتها تسير بجانبها من الناحية الأخرى أما هالة و ثريا ابنة خالتها كانتا تسيران خلفها بخطوات مسترسلة و ترمين عليها الورود التي تأسر العين من شدة بياضها كجزء من عادات الغجر.
و لكن عمار لم ينتبه للذين من حولها ، و كأن الأرض بلعت سكانها فلم يبقى سِواها ..
راحت ترفل في فستانها ناصع البياض الذي كان يضيق من الأعلى بتصميم راقٍ و مزين بحبات اللؤلؤ و يتسع من الأسفل بتنورة متعددة الطبقات بينما اِسترسل شعرها المموج الذي ازداد طولا رهيبا في السنة السابقة فعاد يغطي ضهرها و ينزل حتى كاد يتجاوز ركبتيها متوجة إياه بتاج أبيض مزين بأحجار صغيرة من الألماس شبيه بالعقد الذي وضعت على عنقها ...

تقدمت مريم نحوه بإبتسامة سخية و عاطفة دغدغت حواسها حتى لسعت عيناها بالدموع !
كانت هي الأخرى تعيش لحظات بالكاد تخيلتها في أحلامها ، هنا حيث تتواجد وسط عائلتها الصغيرة و تستعد لوضع يديها بيدي حبيبها الذي تشهد كل ذرة منها على عشقها له.
في يوم تمنته كثيرا و جو تحكمه السعادة و الصفاء بعيدا عن الكره و الغضب ، و الخيانة و الشك ...
وقفت أمامه فاِتضحت له زينتها أكثر و ابتسم عمار وهو يرى عيناها المحددتان بكحلها الثقيل و وجنتيها الموردتين مع أحمر شفاهها كانت تقابله بشكلها الذي أحبها عليه أول مرة كفتاة غجرية ترقص على أنغام رنين خلاخيلها و لكنه رغم ذلك شعر ببعض الإنزعاج حينما أدرك بأن جمالها هذا ملفت للنظر أكثر من الازم.

نـيـران الـغـجـريـةWo Geschichten leben. Entdecke jetzt