الفصل الواحد و الستون ( القسم الثاني )

1K 46 1
                                    

الفصل الواحد و الستون ( القسم الثاني ) : الحدث يعيد نفسه من جديد.
__________________
كم قلبا نبض بعنف على هذه الأرض التي يقفان عليها ؟ كم يدا ارتجفت و كم نفسا قُطع من حلاوة الإعتراف ؟
هنا في الظلام تحت السماء التي غسلتهما بوبلها واقفان على جانب الطريق الفارغ يناظر كل منهما الآخر بشغف منقطع النظير و وَلَهٍ ألهب جسديهما.
كان الوضع برمته كحلم جميل بعيد عما يحاكيه الواقع ، في قرارة نفسها ظنت بأنها تتخيل أو عقلها الباطني صور لها كلاما تمنته طويلا رحمة بها و بروحها الممزقة ألما.

ولكن مع مرور الدقائق والشعور بلفحاته الساخنة التي تضرب بشرة وجهها وتقع برودته تأكدت من أن هذا حقيقي ، فرفعت عيناها إليه مصعوقة عاجزة عن النطق لتجده يهمس بصوت أجش :
- انا بحبك ... اتعلقت بيكي من اول مرة شوفتك فيها و انجذبت ليكي كنت فاكر ان ده اعجاب ببنت مشوفتش زيها من قبل بحكم استايلها و كلامها المختلف عن البنات اللي بعرفهم و فضلت اقنع نفسي بالفكرة ديه بس كل يوم كنت بفكر فيكي.
لما هربتي مني مبطلتش ادور عليكي وانا خايف على قلبي يتوجع ببعدك ، حتى بعد اللي عملتيه مقدرتش اؤذيكي ولا انتقم منك مقدرتش افرط فيكي و ساعتها عرفت اني بحبك.
لا بعشقك ، سواء كنتي الغجرية الهادية اللي اتعرفت عليها اول مرة ولا التانية اللي هي عكسها تماما.

- لأ ... لأ.
خرجت الكلمات متقطعةً من فمها وهي تشيح وجهها عنه غير مستوعبة لما تسمعه و لكن عمار ضمها ناحيته مجددا يتابع بهدوء :
- انا عارف ان صعب تصدقي كلامي لاني سبق و وجعتك و أهنتك لما اعترفتيلي بحبك بس اقسم بالله يا مريم انا رفضي مكنش غير بسبب الخوف حسيت اني مش مستعد اجرب الحب ده لان اللي عشته كان ... كان صعب اوي و خلاني مثقش في حد بس اتأخرت عشان افهم ان انتي غير كل الناس ... انتي مراتي و حبيبتي و ملكي انا ومش عايزك تبعدي عني.

انفرطت دموعها بتأثر من حديثه و نبرته المتهدجة ، زيتونيتاه اللتان ترمقانها بلوعة أرضت أنوثتها المنكسرة بداخلها حتى كادت تعانقه ولكن ذاكرتها التي اِستدعت أحداثا من ماضيها الأليم معه ، و مخاوفها و عقدتها من الرفض جعلوا مريم تبتعد عنه سريعا غير أن عمار الذي أدرك ما تمر به في هذه اللحظات قبض عليها مغمغما :
- انا عارف انك لسه مجروحة و صعب تتقبليني كحبيب و ده حقك بس انا مش هتخلى عنك و زي لما قطعت طريق طويل عشان اوصل للنقطة ديه و اقدر اعبر عن مشاعري من غير تردد مستعد اقطع طريق اضافي من الصبر.

- عمار انا ...
تهدجت بإضطراب ثم نظرت اليه و تابعت :
- انت بتحبني بجد ولا بتقول كده عشان ...

قاطعها فورا قبل إكمال جملتها :
- بحبك بجد و بقولك الكلام ده دلوقتي لاني مش عايزك تسيبيني انا حياتي مبتكملش من غيرك.

تنهدت مريم ببؤس مهمهمة وقد تملكت منها الحيرة :
- بس بعد اللي حصل صعب اتقبل مشاعرك ديه انا خايفة افتحلك قلبي تاني و ترجع تجرحني ... خاصة انك لسه مش صريح معايا و دايما بحسك مخبي عني سر كبير ومش عايز تشاركني بيه.

نـيـران الـغـجـريـةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن