الفصل الرابع والخمسون

49.9K 2.1K 367
                                    


الفصل الرابع والخمسون:

وكأن الشياطين قد أوكلت مهماتها الدنيئة لقرناءهم من الإنس، إلى أحقرهم وأكثرهم خسة ودناءة.

أعطى الحاج فتحي مظروفًا مغلفًا للرجل الواقف إلى جواره قائلًا بصوته الخشن:

-تخلص النهاردة بالكتير

التوى ثغر الأخير بابتسامة عابثة وهو يرد مؤكدًا:

-كله على الله يا حاج فتحي!

حذره مضيفًا بلهجة شديدة:

-وزي ما فهمتك تبان إنها طبيعي، مش عاوز الحكاية يبقى فيها سين وجيم!

رد متهكمًا:

-هي دي أول مرة، متشيلناش العيبة يا حاج!

-ماشي، هانشوف

قالها وهو يرمقه بنظرات أخيرة قبل أن ينصرف الاثنان ليشرعا في تنفيذ مخطط إحراق المنزل.

..........................................

تأخـــــر وصـــول سيارة الإسعـــاف إليها، فاضطرب أغلب المتواجدين حول جسدها الملطخ بالدمــاء.

تبادلوا نظرات حائرة وهم يواصلون هتافهم المتوجس حول كيفية مساعدتها دون إلحاق الأذى بها.

كانت عائدة من المخبز حاملة لما يكفيها ويكفي عائلتها من خبز طازج فرأت ذلك الحشد وتلك التذمرات المستنكرة. اقتربت أكثر منه لتعرف التفاصيل لكنها لم ترَ بوضــوح ما الذي يدور.

إشرأبت الجارة خضرة بعنقها للأعلى محاولة الرؤية لكنها فشلت، فالجميع في حالة نفور وغضب مزعوج.

مالت على أحدهم تسأله بفضول:

-هو في ايه؟

أجابها الرجل المسن بحزن:

-عربية خبطت واحدة وهي بتعدي الشارع وهربت، واحنا طالبين الإسعاف من بدري بس محدش عبرنا!

وافقته الرأي وهي ترد بتأفف:

-هو في حد في البلد بيجي في ميعاده!

انتابها الفضول لتعرف المزيد عنها، فتابعت قائلة بضيق زائف:

-الله يصبر أهلها ويشفيها! محدش يعرف هي بنت مين؟

أجابها الرجل المسن بهدوء وهو يشير بيده:

-بيقولوا شغالة مدرسة!

في تلك اللحظة تحرك أحدهم للجانب ليترك مساحة فارغة فتمكنت خضرة من رؤية وجهها، وعرفته توًا.

ارتفع حاجباها للأعلى، واتسعت مقلتاها برعب كبير.

شهقت خضرة مصدومة وهي تلطم على صدرها صائحة بفزع:

الدُكان ©️ - حصريًا - كاملة ✅Where stories live. Discover now