الفصل التاسع والثمانون

49.7K 2.1K 118
                                    

الفصل التاسع والثمانون:

استغلت لحظة انشغال الجميع عنها أثناء استعدادهم للانصراف لتطلب منها البقاء دون أن تلفت الانتباه لكونها رغبتها الخاصة، فاستجابت ابنة خالها لطلبها، واعتذرت بلباقة عن الذهاب مع زوجها لتبقى لعدة لحظات معها تؤنسها فيها وتشد من أزرها، توجس منذر خيفة أن تكون نيرمين تدبر لها أمر ما لتفسد عليهما ليلتهما المميزة، فتعمد البقاء بالخارج وملصقًا ظهره بالحائط ليتنصت عليهما، دفعه حدسه لفعل ذلك، وانتظر بترقب شديد ما دار بينهما.

ابتسمت لها بكل ود وهي تطالعها بنظراتها الحنونة الدافئة، رأت في صفو حدقتيها راحة عجيبة غفلت عنها بسبب حقدها الأسود الذي أعمى بصيرتها، تنفست بعمق وهي تستطرد حديثها قائلة:

-أسيف، أنا.. عاوزاكي تسامحيني

وضعت يدها على كفها المرتعش لترد بابتسامة لطيفة:

-صدقيني أنا نسيت اللي فات

هزت رأسها معترضة وهي تقول:

-لأ، انتي مش عارفة أنا كنت ناوية أعمل فيكي ايه، ولا الجحيم اللي كنتي هرميكي فيه، أنا....

قاطعتها ابنة خالها بجدية دون أن تخفي ابتسامتها الودودة عن محياها:

-خلاص يا نيرمين، ارمي ورا ضهرك، احنا بقينا أخوات

تنفس منذر الصعداء لكون الموضوع لا يتخطى الاعتذار وإبداء الندم، فتراجع متحرجًا من استراقه السمع دون إذن ليعطي لهما مساحة من الخصوصية، جلس على أقرب مقعد منتظرًا على أحر من الجمر، فأمامهما ليلة حافلة.

ابتسمت لها بصفاء يذيب ما في القلوب من أحقاد قديمة، ويمحو ما في العقول من ذكريات أليمة، فأدمعت عيني نيرمين بشدة، تعذر عليها المتابعة بنبرة ثابتة، فخرج صوتها متقطعًا وهي تضيف:

-أنا قلبي كان مليان غل ناحيتك

بررت لها أسيف موقفها العدائي نحوها مرددة ببساطة:

-مكونتيش تعرفيني

انسابت العبرات من طرفي عينيها متابعة بندم:

-أنا عملت زي جدتي عزيزة ما عملت مع أبوكي وأمه، أنا مفرقتش حاجة عنها، لأ و.. وكنت عاوزة...

منعتها عن إتمام جملتها جبرًا هاتفة بتوسل:

-عشان خاطري أنا مش عاوزة أتكلم في اللي فات، المهم دلوقتي بقينا ازاي!

ثم مدت أناملها لتمسح برفق عبراتها عنها، فسألتها نيرمين بصوت خفيض باكٍ:

-يعني انتي من قلبك مسامحاني؟

هزت رأسها بإيماءة واضحة وهي تجيبها:

-ايوه

تنفست بارتياح للحظات قبل أن تكمل بمرارة:

الدُكان ©️ - حصريًا - كاملة ✅Where stories live. Discover now