الفصل الرابع والتسعون

51.4K 2.1K 90
                                    


الفصل الرابع والتسعون:

ألف عجيبة تخللت مشاعرها الجافة واشتياق لا يوصف تملكها حينما عــادت بعد فترة غياب إجبارية إلى منزلها، استقبلها والدتها وأختها بالابتسامات والعبرات الفرحة، تأثرت لإحاطتها بذلك الكم الفياض من المشاعر الطيبة، خاصة حينما أصرت أسيف على الحضور معاها وإيصالها للمنزل، كذلك لم يتركها منذر وسدد كامل المستحقات المادية للمشفى، أدركت أنها كانت تحمل بذور الغل والحقد والكراهية في صدرها، وحينما تخلصت من أثارهم السيئة بدت كمن وُلد من جديد رغم فظاعة المرض الذي يوشك أن يفتك بها إن استسلمت له.

دثرتها عواطف في الفراش هاتفة بحماس رهيب:

-نورتي بيتك يا بنتي، ألف حمدلله على السلامة

اعتدلت نيرمين في نومتها واضعة الوسادة خلف ظهرها لتستند عليها، ثم ردت بتنهيدة متعبة:

-الحمدلله

أخفضت أنظارها لتحدق في رضيعتها التي وضعت إلى جوارها لتبدأ في مداعبتها بلطف وحب، هتفت بسمة بمرح:

-أخيرًا هنرجع ناقر ونقير مع بعض

اكتفت نيرمين بالابتسام الودود لها، بينما أضافت أمها قائلة بهدوء:

-ارتاحي شوية يا حبيبتي وأنا هاجهزلك الأكل و...

قاطعتها بصوت خافت:

-مش عاوزة حاجة!

أمسكت بيد رضيعتها الصغيرة تلاعب أصابعها وهي تتابع:

-كفاية إني أقعد مع بنتي شوية وأملي عيني منها

ردت عليها بسمة بأعين متأثرة:

-ربنا يخليكي ليها

هزت رأسها بإيماءات خفيفة مرددة:

-يا رب

وضعت عواطف يدها على ظهر بسمة قائلة:

-خليها مع رنا شوية وبينا احنا نشوف اللي ورانا

-ماشي

قالتها وهي تستدير للخلف تاركة أختها مع رضيعتها لتقضي معها بعض الأوقات الطيبة، فقد افتقدتها مؤخرًا واشتاقت لوجودها في أحضانها.

...............................

خلال الشهرين التاليين، استمرت الأجواء الهادئة سائدة في العائلتين دون وجود ما يعكر الصفو العام، وتوطدت العلاقات العاطفية مع كل من منذر وأسيف وباتا كيانًا واحدًا، كذلك تقربت نيرمين من رضيعتها وأغدقت عليها بالكثير من الحب الأمومي الذي حرمتها منه منذ لحظة ميلادها، وظل الوضع متأرجحًا بين بسمة ودياب، بدا عابسًا نوعًا ما وهو يصغي إلى حديث أخيه بفتور واضح عليه، عبث بالقلم الحبري المسنود على مكتبه محدقًا فيه بشرود، زفر قائلاً بملل:

الدُكان ©️ - حصريًا - كاملة ✅Where stories live. Discover now