الفصل السادس والستون

51.3K 2.1K 153
                                    


الفصل السادس والستون:

حافظت على تلك المسافة الكبيرة بينهما، متعمدة الظهور بمظهر جدي أمامه، ورغم ما تفعله من مكابرة وعِند إلا أنه كان هادئ الطباع متأملاً إياها بتمعن، شددت من كتفيها لتعتدل في جلستها، ثم أدارت رأسها بخفة ناحيته متابعة بتشنج قليل:

-حضرتك الاتفاق هينتهي بمجرد ما نروح بيتي!

ضاقت نظراته حتى بدت مزعوجة من عزمها على إنهاء الخطبة نهائيًا، وما زاد من ضيقه هو تعاملها الرسمي معه، وكأنه شخص غريب، تمتم باستنكار قليل:

-مممم.. حضرتي!!!

تابعت قائلة بعصبية واضحة وهي ترمقه بنظرات حادة:

-بيتي اللي في البلد، أظنك فاكره؟ ده سبب الاتفاق من الأول، ولحد دلوقتي أنا معرفش حاجة عنه، ولا روحنا ولا .....

أزعجه تلميحها الصريح لكونه متقاعسًا عن تأدية مهمته، مع أنه يبذل ما في وسعه لراحتها وإسعادها، لذلك هتف مقاطعًا بنبرة جادة رغم ضيقه الواضح على تعابيره:

-وأنا متأخرتش، بس أكيد إنتي شايفة الظروف عندكم كانت عاملة ازاي؟ وإلا كان هيتقال عننا كلام بايخ! ده غير اللي حصل امبارح!

ردت بتجهم:

-ايوه، والظروف دي انتهت والحمدلله!

نظر لها بجمود، بوجه غير مقروء التعبيرات، متعجبًا من طريقتها، كيف يعقل أن تكون هي من عاونته في شدته بالأمس؟ وفي نفس الوقت ترغب في إنهاء ما بينهما في أقرب وقت؟ عبست نظراته، واكتسى وجهه بالحزن لمجرد التفكير في الأمر.

سلطت أسيف أنظارها عليه متسائلة بقلق:

-ممكن بقى نحدد ميعاد نروح هناك؟

صمت ولم يعقب عليها، هي تتعمد التعجيل بإنهاء كل شيء قبل أن يشرع في إشعارها بما يحسه نحوها، تريد أن تخمد جذوة حبه قبل أن يصرح بها، واصلت حديثها المنفعل حينما طال سكوته المريب:

-لو سمحت رد عليا، أنا أعصابي متوترة، وبيتي معرفش إن كان اتحرق ولا دي كدبة من خالي، ومحدش حاسس بالحيرة اللي جوايا ولا بالقلق و...

هب واقفًا فجأة من مكانه ليرد بصلابة تليق به:

-حاضر، جهزي نفسك وهنتوكل على الله بكرة، بس الأول لازم أسلمك حقك!

ارتجفت لوهلة من تصلبه، ورفعت أنظارها عاليًا لتحدق فيه مرددة بذهول:

-حقي؟

دنا منها قائلاً بضيق:

-ايوه، بقية اتفاقنا!

نظرت له بتفرس متأملة تلك الخدوش وأثار الكدمات الواضحة عليه، لم تكن رأتها عن قرب، فشعرت بنغصة في صدرها لمجرد تخيل ذلك الألم القوي الناتج عن الضربات العنيفة التي تلقاها، لم ينتبه لنظراتها المتطلعة إليه، حيث دس يده في جيب بنطاله الخلفي ليخرج منه ورقة ما مطوية، نظرت له باستغراب أكبر، اقترب أكثر منها حتى بات قبالتها، ثم ناولها إياه، تسائلت أسيف بحيرة:

الدُكان ©️ - حصريًا - كاملة ✅Where stories live. Discover now