الفصل الخامس والتسعون - الأخير - الجزء الثالث

56.4K 2K 262
                                    


الفصل الخامس والتسعون ( الأخير - الجزء الثالث):

جلست باستحياء على المقعد الخاص بالعروسين في منتصف القاعة تراقب بنظرات شمولية ومتوترة أوجه المتطلعين إليها من المدعوين، رسمت تلك الابتسامة المصطنعة على ثغرها لتخفي ارتباكها الكبير، انتفض جسدها قليلاً حينما شعرت بتلك اليد توضع على كتفها، أدارت رأسها للجانب لتجد والدتها محدقة فيها بنظرات حانية وهي تربت عليه برفق ، مالت عليها هامسة:

-زي القمر يا بنتي، ربنا يحميكي ويكفيكي شر العين

اكتفت بسمة بالابتسام المجامل لها وهي تهز رأسها بإيماءة خفيفة، ثم عاودت التحديق أمامها، جاهدت لتخفي حالة التوتر والصراع التي تعتريها، هي خائفة مما هي مقبلة عليه، فتنتظرها حياة جديدة مليئة بالكثير من التحديات والقرارات، عليها أن تكون فيها عقلانية تفكر بتريث وتتجنب حالة الاندفاع الأعمى التي تسوقها في بعض التصرفات، تنفست بعمق لتحافظ على جمودها الزائف، توجهت أنظارها نحو عريسها الذي كان يرقص طربًا مع محبيه، بالطبع لم يدخر وسعه في دعوة معارفه وأقربائه وأصدقائه ناهيك عن كل من له صلة به، امتلأت القاعة عن بكرة أبيها، وتسابق الجميع في تقديم التهنئات والمباركات له كل على طريقته الخاصة، تنهدت مطولاً حامدة الله في نفسها أنها أثرت الجلوس على التمايل والرقص أمام تلك الأعين الذكورية التي تعج القاعة بها.

سعادة لا توصف تملكته حينما رفضت النهوض وتضاعفت أكثر ببقائها في مكانها كالملكة شامخة لا تطالها الأيدي، دق قلبه بقوة معلنًا عن حبه اللا محدود لها، لم تفارقها عيناه، وبين الحين والأخر كان يلتفت نحوها ليرمقها بنظراته العاشقة بالرغم من إحاطة الشباب له ممن يماثلونه عمرًا أو أصغر بقليل ليقوموا بواجبهم معه، تسابق دياب معهم في إظهار حماسه بليلة العمر، وزادت الأجواء حماسة مع انفعالهم المندمج بالأغاني الشعبية المحمسة.

كان يترقب على جمر متقدة مرور الساعات لينفرد بها فيتمكن من التعبير لها عن مشاعره العميقة لها، ألهى عقله بما يحدث حوله مؤقتًا كي لا يهلك من كثرة الانتظار والتفكير.

على الجانب الأخر جلست نيرمين على الطاولة القريبة من مقعد العروسين واضعة على حجرها رضيعتها، لم تفارق البسمة شفتيها، وتمايلت برفق مع النغمات المحفزة للحواس مداعبة ابنتها التي كانت تضحك ببراءة، انحنت على جبينها تقبلها، ضمتها إليها وأكملت دندنتها مع الأغاني، أبعدت أسيف أعينها المتطلعة إليها لتستدير برأسها نحو والدة زوجها، كانت بحاجة للعون، فتحركت صوبها، سألتها بنعومة:

-عاوزة مساعدة مني يا طنط؟

أجابتها جليلة بقلق:

الدُكان ©️ - حصريًا - كاملة ✅Where stories live. Discover now