الفصل الثامن والسبعون

57.1K 2.1K 282
                                    


الفصل الثامن والسبعون:

انهيارات متعاقبة شهدها معها ووقف فيها إلى جوارها حتى تستعيد ثباتها وتعاود النهوض على قدميها من جديد، أصعبهم كان رحيل أمها، وأقساهم كان الطعن في سمعتها، وأكثرهم وجعًا تمزيق ثوب عرسها، كل تلك العلامات الفارقة في حياتها أعطته هو مكانة خاصة في قلبها، تلك المكانة التي لم ولن يطأها أحد من قبله ولا بعده، تمكن بمواقفه الرجولية المختلفة الاستحواذ على كيانها، تغلغل في خلايا عقلها فتشبعت به حتى بات مسكنها لأي أوجاع محتمل أن تؤذيها، وباتت الشوكة بالنسبة له تشكل عقبة خطيرة عليه إزاحتها قبل أن توخزها مصادفة فتتألم.

حب ولد بين صدامات جدلية وصراعات فكرية، بين عناد مُلح وتحدٍ مستمر، حب اشتعلت جذوته في قلبيهما معًا حتى تحولت إلى شرارة أضاءت درب سعادتهما، فلم تكتمل فرحته إلا بها ومعها.

أبعد رأسها عن صدره ليحدق بعمق في عينيها الدامعتين قائلاً بثبات جاد:

-أنا عارف إن الوقت مش هيسعفنا نخلص فيه كل حاجة، بس كوضع مؤقت أنا هاطلب منك....

صمت متعمدًا ليثير انتباهها أكثر، ثم أكمل بتأنٍ:

-نتجوز في بيت أهلي!

تعقدت ملامح وجهها من طلبه المفاجئ، وحدقت فيه بنظرات جامدة مشدوهة بما تفوه به، لاحظ التغيرات الطارئة عليها، فطمئنها مضيفًا بهدوء:

-أنا مش عاوزك تخافي، وأوعدك خلال شهرين تلاتة بالكتير هايكون بيتك جاهز بكل حاجة نقصاه، ولو عاوزة ضمانات بده معنديش مانع!

أخفضت أعينها بعيدًا عن نظراته المتخللة لها مرددة بارتباك:

-هــاه، مش كده...

أحاط وجهها براحتيه ماسحًا ما تبقى من عبرات مبللة لوجنتيها هاتفًا بنبرة صادقة:

-محدش هيضايقك ولا هيدوسلك على طرف، إنتي هاتفضلي معززة مكرمة عندي، خديها مني كلمة!

ارتعش جسدها من لمساته الحنون على بشرتها، فأغمضت جفنيها هامسة بحرج كبير:

-بس أنا...

رد مقاطعًا بصوت رخيم:

-وافقي انتي بس وأنا هاعمل كل حاجة عشان ماتحسيش بالفرق!

تجمدت أنظارها على أطراف ثوبها الممزق المتدلية من الحقيبة، فحدق فيما شردت فيه، أرخى يده عن صدغها ليمسك به قائلاً بنبرة مزعوجة:

-والفستان ده ارميه

قبضت عليه أكثر، ثم رفعت عينيها في وجهه قائلة باعتراض:

-أنا وعدتك أحافظ عليه، و...

جذبه بقوة من يدها موضحًا بجدية:

الدُكان ©️ - حصريًا - كاملة ✅Where stories live. Discover now