الفصل الثمانون

53.1K 2.1K 120
                                    


الفصل الثمانون:

لا تعرف ما الذي أصابها لترتكب مثل ذلك التصرف الجامح معه وتعطيه لمحة سريعة من سعادة مضاعفة سينغمس عما قريب في أنهرها، فهو يستحق ذلك بعد مواقفه الرجولية معها، هبطت الدرج سريعًا لكنها تسمرت في مكانها حينما رأت وجهها المتجهم أمامها وأعينها المحتقنة تطالعها بنظراتٍ محتدة للغاية، ازدردت ريقها بتوتر، حتمًا هي رأتهما معًا، وبالطبع لن تفوت الفرصة لتثير مشكلة ما، وحدث ما كانت تخشاه، هدرت نيرمين بصوت مرتفع يحمل الغل:

-الله الله! ده القوالب نامت والإنصاص قامت!

ضيقت عينيها أكثر لتصبح أكثر شراسة وهي تكمل:

-طب اعملي اعتبار للناس اللي لموكي في بيتهم!

انكمشت أسيف على نفسها خوفًا من الفضائح التي ستنال من سمعتها على يد تلك الحقودة، كانت كلماتها الموحية ونظراتها المظلمة تؤكد نيتها في إحداث كارثة بكافة المقاييس، ندمت على تهورها وتماديها في تصرفاتها في لحظة جنون جامحة فقدمت لها فرصة على طبق من ذهب لتنهش فيها، رغمًا عنها ارتجف جسدها مما سيصير لها، كما بدأت العبرات بالتجمع والتراقص في مقلتيها، وقبل أن تضيف بلسانها اللاذع اتهامات أخرى مسيئة ظهر أمامها منذر الذي هدر بها بقوة متصلبة:

-عنــــدك! كلمة زيادة وهاقص لسانك!

وضع قبضته على ذراع أسيف ليجذبها خلفه ليشكل بجسده المهيب درعًا يحميها من أي إساءة قد تطالها منها، حبست نيرمين كلماتها المغلولة في جوفها مرتعدة من تهديده الصريح ضامة لرضيعتها بذراعيها متخذة إياها وسيلة للذود عنها، استمر هو في الدفاع عن زوجته قائلاً:

-مراتي وأنا حر معاها، وأي حد يفكر بس يجيب سيرتها بكلمة أدبحه!

رمقها بنظرات احتقارية وهو يتابع بازدراء:

-وخصوصًا لو كانت انتي!

استشعرت الإهانة من جملته الأخيرة، فزاد حنقها منه، ردت عليه بغضب:

-بس مش كده، ولا انت نسيت الأصول يا ابن الحاج طه؟!

وقف قبالتها يطالعها بنظرات مشتعلة على الأخير وهو يرد بتشنج:

-أنا عارف حدودي كويس، وكلها كام يوم وأسيف هتبقى في بيتي!

ضغط على جرح قلبها الذي لم يندمل بعد بتكراره تلك الحقيقة المريرة، أنها زوجته، وأنه فضلها عليها، فحاولت أن تلملم كرامتها المبعثرة صائحة بتهكم مسيء:

-ولما ده يحصل يبقى نحفظ أدبنا يا ابن الأصول، بس اللوم مش عليك، ماهو التفاحة المعطوبة بتبوظ القفص كله!

الدُكان ©️ - حصريًا - كاملة ✅Where stories live. Discover now