الفصل الثاني والسبعون - الجزء الأول

51.9K 2K 218
                                    


الفصل الثاني والسبعون ( الجزء الأول):

ســـــاد صمت ثقيل بينهما طوال المسافة المتبقية من وصولهما، لم يتبادلا فيها الحديث إلا بكلمات مقتضبة فقط، حرص على عدم إزعاجها، ولجأت هي إلى الصمت الإجباري، هو باغتها باعترافه الصريح بحبه لها، وهي عجزت عن استيعاب الموقف، ظلت تفرك أصابع كفيها بتوتر بادٍ عليها، فلم سبق أن تقدم إليها أي أحد بعرض للزواج، حتى من تعرفهم من زملاء بالعمل كانوا يتعاملون معها بطريقة رسمية بسبب أسلوبها الجاف في المعاملة، مر ببالها موقف واحد محرج لأحد أقرباء أحد الأطفال ممن تستذكر معهم حينما أراد رؤية وجهها أثناء شرحها للدرس، فاستنكرت طريقته الفظة، واعتذرت عن إكمال الدرس الخصوصي.

اختلس دياب النظرات نحوها، راقب ارتباكها بتوجس مزعوج، اعتقد لوهلة أنها ربما تفكر في طريقة للاعتذار منه بصورة لبقة عن الارتباط به، انقبض قلبه بقوة لمجرد التفكير في هذا الأمر، سحب زفيرًا عميقًا ليدعم به نفسه قبل أن يكسر الحاجز الجليدي بينهما هاتفًا بحرج:

-أنا .. مش مستعجل منك على أي رد، بس.. بس محتاج كلمة تطمني ولو شوية

لم تستدر نحوه، وظلت محدقة للجانب متحاشية النظر إليه، زاد تخوفه من رفضها، فتابع بتوسل خفيف:

-عشان خاطري بس، قوليلي رأيك ايه في اللي سمعتيه مني؟

أجابته بجفاء تام:

-يعني عاوزني أرد أقول ايه؟

همس برجاء:

-أي حاجة تريحني!

رفضت بسمة الالتفات نحوه قائلة بجمود:

-معنديش حاجة أقولها!

سألها بتوجس كبير:

-يعني انتي ممكن ترفضيني؟

رد باقتضاب غامض:

-معرفش

نظر نحوها متسائلاً بارتباك:

-طب، موافقة مبدئيًا عليا؟

أجابته بإيجاز:

-مش عارفة

شعر بأجواء الرفض تلوح في الأفق، فهتف مستسلمًا:

-اعتبري إني مقولتش حاجة!

ردت بفتور وهي تكتف ساعديها أمام صدرها:

-يكون أفضل!

استمر الصمت سائدًا بينهما لبرهة حتى مل منه دياب، أراد أن يبوح لها بإحساسه خلال زيجته السابقة عله يكسب جولة معها، فيرق قلبها إليه، تنهد ببطء، ثم استطرد حديثه هاتفًا بصوت حزين:

-بسمة، أنا عاوزك قبل ما تقولي رأيك تعرفي حاجة مهمة!

انتبهت لصوته، وحانت منها التفاتة سريعة نحوه، فرأت تعابيره يكسوها الحزن، شعرت بغصة في حلقها، لكنها عاودت التحديق في الطريق أمامها متجاهلة ما رأته، تابع قائلاً بصعوبة واضحة في نبرته:

الدُكان ©️ - حصريًا - كاملة ✅حيث تعيش القصص. اكتشف الآن