الفصل الحادي والتسعون

59K 2.1K 290
                                    


الفصل الحادي والتسعون:

مر أمام أنظارها الشاردة شريط حياتها العابث، ركضت وراء أهوائها متناسية يومًا كذلك، أرعبتها نظرات قريبها كامل حد الموت، ودعت الله في نفسها ألا يصل الأمر به إلى دفنها حية، كانت ترتعد في المقعد الخلفي، وهوى قلبها لأكثر من مرة في قدميها مع كل طريق مظلم تسلكه السيارة التي تقلها لبلدتها حتى توقفت عند منزله، هنا زاد شحوب وجهها وزاغت أبصارها، جذبها كامل من ذراعها بقبضته العنيفة آمرًا بجمود:

-انزلي يا بت شادية

ارتجفت شفتاها وهي تقول:

-أنا...

احتدت نظراته وبدت أكثر إظلامًا فارتعدت فرائصها، هتف من بين أسنانه بقسوة:

-حريمنا هيوجبوا معاكي!

أفزعتها كلماته المريبة تلك، فتهاوت قدماها وهي تجر خلفه نحو المنزل، استعطفته باستجداء:

-اسمعني يا عمي، أنا هافهمك

هدر آمرًا بصرامة ترعب الأبدان:

-اتكتمي!

صمتت مجبرة متوقعة هلاكًا حتميًا بالداخل، كان في انتظارها حفنة من نساء العائلة، نظراتهن كانت مخيفة للغاية ناهيك عن أوجههن الواجمة، جف حلقها من الخوف، دفعها بعنف نحوهن فسقطت تحت أرجلهن منكبة على وجهها، أشار لهن بسبابته صائحًا بلهجة صارمة:

-مش هاوصيكم!

ردت عليه إحداهن بنبرة قاتمة وهي تنظر لها بازدراء:

-اطمن يا حاج كامل، الضلع الأعوج لازم يتعدل!

رفعت ولاء رأسها لتنظر في وجه تلك المرأة، فرأت ما أخافها أكثر، مررت أعينها الخائفة على حفنة النساء التي شكلت دائرة حولها لتضيق عليها الخناق، دق قلبها بعنف وهي تتلفت حولها بذعر مرددة بتوسل:

-اسمعوني، أنا معملتش حاجة!

وكأنها تخاطب أصنامًا لا تنطق ولا تسمع، هن تلقوا أمرًا صارمًا بتهذيب أخلاقها على طريقتهن، بردع تصرفاتها الهوجاء بأسلوب عنيف، كاد قلبها يخرج من بين ضلوعها وهي ترى النساء يواصلن التحرك نحوها ليقمن بواجب الضيافة الخاص معها، نزعن عنها المعطف الذي يستر ثيابها، فشعرت أنها عارية، لا يحجب جسدها عن أعينهن الغاضبة شيء ، انهلن عليها بالضرب المبرح فصرخت متألمة، استغاثت بمن ينجدها لكن بدا صوتها لهن معزوفة آسرة حتى فقدت وعيها، حينها توقفن عن تعذيبها الجسدي، صاحت فيهن مرأة ما:

-كفاية عليها كده، ودوها الزريبة زي ما الحاج كامل أمر!

أمسكت بها اثنتان منهن من معصميها، وقامتا بسحلها على الأرضية حتى وصلتا إلى حظيرة البهائم، فتركت حبيسة ذلك المكان حتى يتم النظر في أمرها.

الدُكان ©️ - حصريًا - كاملة ✅حيث تعيش القصص. اكتشف الآن