الفصل الخامس والسبعون - الجزء الأول

46.5K 2.1K 134
                                    


الفصل الخامس والسبعون (الجزء الأول):

أصر على استضافته - مع أغلب رجال عائلته - في داره الكبير ليرتدي ثيابه هناك، وأظهر ترحيبًا لائقًا به وبكرمه المعروف كعمدة لتلك البلدة، فأثنى الحاج طه على أخلاقه الكيّسة وطبائعه الخلوقة، انتهى منذر من ارتداء بدلته الداكنة، واستعان بأخيه ليعقد له رابطة العنق، فبدا – رغم صلابته – مهيبًا وجاذبًا للأنظار.

هتف دياب متحمسًا وهو يضبط ياقته:

-مبروك يا عريس!

رد عليه منذر بهدوء:

-عقبالك يا دياب!

تنهد مضيفًا بإحباط طفيف:

-كثف دعا وحياة أبوك، لأحسن العملية ناشفة على الأخر معايا، معقدة وكلها كلاكيع

ربت على كتفه بقوة مرددًا بثقة:

-بتيجي على أهون سبب!

رفع دياب كفيه للأعلى هاتفًا:

-يا ميسر يا رب!

صــاح طه قائلاً بجدية ليثير انتباههما:

-يالا يا شباب، كده احنا هنتأخر

التفت منذر ناحيته ليرد مبتسمًا:

-على طول يا حاج!

تحرك بخطوات ثابتة نحوه، ثم انحنى على كفه الممسك برأس عكازه ليقبله بامتنان كبير، فمسح والده على رأسه وظهره قائلاً:

-مبروك يا ابني، وربنا يجعلها جوازة دايمة إن شاء الله

اعتدل في وقفته مرددًا:

-يا رب أمين

-عرفت تختار، هي بنت كويسة ومتربية، وتعتبر يعني من العيلة

-طالما انت راضي عني يا حاج فأنا مبسوط

-ربنا يراضيك دايمًا

سبقهما ديــاب ليشير بيده للسائق الذي استأجر حافلته لإحضار بعض الأقارب والمعارف لحضور الحفل بتتبعه كي يصل إلى وجهته دون أن يضل طريقه في تلك البلدة الغريبة عليه، فامتثل الأخير له واستعد للتحرك خلفه،

ســـار منذر بجوار والده يتبادلان عبارات خافتة حتى ركبا السيارة، لحق بهما الحاج إسماعيل وبصحبته العمدة، وعدد من رجال القرية، وبدأ الجميع بالتحرك نحو السرادق كل على حسب وسيلة مواصلاته.

.......................................

تعالت أصوات الزغاريد فخفق قلبها بقوة معتقدة أنه قد جاء بالخارج، توترت أنفاسها وازدردت ريقها بارتباك كبير، اشرأبت بعنقها للأعلى محاولة رؤيته، لكنها مجرد تعبيرات عادية عن فرحة النساء بالعروس المتواجدة بالمنزل، خبا حماسها، وهدأ توترها لتصبح كما كانت شبه ساكنة.

الدُكان ©️ - حصريًا - كاملة ✅Opowieści tętniące życiem. Odkryj je teraz