الفصل الخامس والثمانون

52.9K 2.1K 158
                                    


الفصل الخامس والثمانون:

توهجت أعينه المحتقنة بنيران مشتعلة عقب جملتها التي تقشعر لها الأبدان لمجرد تخيل ما يمكن أن يفعله ذئب كهذا في طفل بريء لا يفهم من الدنيا إلا القليل، جمد أنظاره عليها متسائلاً بشراسة مخيفة:

-نعم؟ بتقولي ايه؟

ضمت الصغير إلى أحضانها لتحميه وهي تجيبه بغل واضح:

-الكلب ده أكيد اتعرض لابنك!

احتدت نظراتها وهي تضيف بتشنج مريب:

-أنا عمري ما أنسى الشكل الزبالة ده أبدًا!

لم تعرف أنها بكلماتها المخيفة تلك تزيد من نيرانه المستعرة بداخله، خاصة أنها لم تكن تشير إلى فلذة كبده فقط، بل إليها هي الأخرى، فهم مقصدها سريعًا، وأدرك أنه ربما تطاول باليد عليه، إن لم يكن الأمر قد وصل إلى الاعتداء الجنسي، الآن فسر سبب رهبة صغيره وخوفه المستمر، كان على قدر من الغباء ليغفل عن وجود ذئب بشري وسط هؤلاء الصغار ليعثو معهم دون رقيب أو عتيد، بلغ قمة غضبه في أقل من ثوانٍ معدودة وهو يتخيل الأسوأ، هدر آمرًا فيها من بين أسنانه المضغوطة بعصبية:

-ارجعي العربية حالاً

بدت شاردة وكأنها لم تنتبه لأمره الصريح، فقط نظراتها المشمئزة مسلطة على وجه ذلك الحيوان المريض، كانت تود الهجوم عليه ونبش أظافرها في عنقه لتنهش لحمه النتن حيًا فتمزقه إربًا، اغتاظ دياب أكثر من جمودها، فرفع كف يده ليضعه على فكها، وأدار وجهها ناحيته فحدقت في عينيه بتوتر كبير، رأت علامات تؤكد وجود رد قاسٍ على ما سمعه منها، رد لن يقبل فيه بالسماح مطلقًا أو التهاون في حقها أو حق صغيره أو حق أي مظلوم كان من ضحاياه، ضغط بأنامله على فكها صائحًا:

-سمعتيني، استني في العربية!

هزت رأسها ممتثلة لأمره بخنوع كبير، أرخى أصابعه عنها لتتحرك بارتجافة طفيفة للخلف وهي ضامة للصغير يحيى في أحضانها، تابعها بترقب حتى ابتعدت نسبيًا، فاستدار برأسه ناحية ذلك الوضيع القذر ليرمقه بنظرات مهلكة، دس يده في جيب بنطاله ليخرج هاتفه المحمول، انتظر للحظة قبل أن يأتيه رد أخيه قائلاً:

-في ايه يا دياب؟

أجابه بنبرة تحمل الوعيد:

-عاوزك تجيب رجالتنا يا منذر وتجيلي عند مدرسة يحيى دلوقتي

سأله منذر مستفهمًا خاصة أن طلبه يشير إلى وجود أمر مريب وخطير في نفس الوقت:

-حصل ايه؟ الواد ماله؟

أجابه بانفعال وهو يجاههد لإخفاء نبرة صوته:

-عرفت مين اتعرضله!

الدُكان ©️ - حصريًا - كاملة ✅حيث تعيش القصص. اكتشف الآن