Ch. 57

1.2K 97 45
                                    


دلف إلى غرفتهما في جنح الظلام يبحث عنها ... فهى واحته الوارفة بالظلال بعد يوم عمل مضني .

كان يتعمد أن يعود متأخرا كل ليلة ليجدها نائمة .. فقط يندس إلى جوارها في فراشهما المشترك ليدفن رأسه في عنقها يتنفس من عبيرها ما يكفيه ليوم جديد و ربما يعوض ما حرم منه طوال يومه و هو بعيد ... كما لو كان مدمنا يسعي لتلقي جرعته اليومية من رائحتها فقط ليستطيع النوم .

لا تفصلهما المسافات و لكنه يشعر أنها أبعد ما تكون عنه و خاصة بعد الكلام الذي تفوهت به .

لقد اذاه كلامها و بشدة ... أعاد فتح جرح كرامته الذي لطالما تجاهله و هو يدرك أنه يفرض نفسه عليها .. و هذا تركه مع جرح نازف غير قابل للشفاء .

يعلم أنها تفوهت بذلك في لحظة غضب و لكنها الحقيقة الذي حاول التغاضي عنها .. لقد اشتراها بالفعل .. و لكنه أحبها و كان هذا خارج عن إرادته.

الصراط الحاد الذي يسيران عليه منذ البداية كان الفاصل بين حبه و جنونه .. و في هذه الأيام العصيبة يشعر أنه يُقاد إلى الهلاك وحده محترقا في جحيم من فوضى المشاعر التي جعلته يعيشها .

عندما عاد من عمله كان الوقت قد تأخر كثيرا و لكنه لم يجدها نائمة .. بل لم يجدها من الأساس .

و هنا عاد الجنون ليتملكه و هو يبحث عنها .. فكلما غابت عن عيناه تراوده تلك الذكري السوداء لهروبها .

خرج من جناحهما بغضب أعمى يسيطر عليه .. و كان علي وشك النزول حينما اصطدم بفيولا التي لا يعرف كيف ظهرت في هذا الوقت المتأخر من الليل .

فيولا التي تعمل بقصره منذ وقت طويل و التي دائما ما حاولت اغواءه و التقرب منه .

كانت لتصبح فرصة سانحة أمام أي رجل بوضعه سواء السابق قبل أن يعرف اميريتا أو الحالي بسبب ما بينهما من خلاف .. كان من الممكن أن يدعي الحماقة و يجاريها في لعبتها فقط لاغاظة صوفيا المتشبثة بارستقراطيتها البالية ... إلا أنه لم يضمر لها سوي مشاعر الاحتقار لمعرفته أنها جاسوسة لصوفيا ذات نفسها .. و كم كره كل ما يمت لصوفيا بصله .

غنجها و جسدها الذي يتلوي بطريقة شيطانية أثناء سيرها حتي في وقوفها أمامه و ملابسها الفاضحة كل ذلك اثار استيائه .

و الأكثر من ذلك تشبثها به بعدما ادعت أنها على وشك السقوط عقب ارتطامها الذي تأكد له انه كان متعمداً .

أبعدها بضيق متسائلا :

" لما لازلت هنا ؟ "

حدة نبرته و نارية نظراته لم تردعها و لم تغير الطريقة التي تنظر إليه بها و كأنها تقدم له دعوة مفتوحة للمزيد .. حيث قالت بنفس النبرة المتدللة التي دائما ما تزعجه :
" السيدة صوفيا طلبت مني البقاء "

تانجو 2 Where stories live. Discover now