Ch. 66

1.2K 101 22
                                    

أما عن ماريوس فحاله لم يكن يختلف كثيرا .. ربما المختلف في الامر أنه فرض على نفسه عزلة من اختياره بداخل قصره المتشح بالكآبة .

كان بداخل دوامة من الحزن و العجز و الحيرة جعلته غير قادر على التفكير ... و قد شعر أنه فقد سيطرته على كل شيء .

أو ربما هي حياته التي تذهب إلى لا شيء بينما يغرق هو في مستنقع ضعفه و تخاذله تجاهها ؟! .

ما يحدث معه جعله يتذكر سانتياغو و حالة الجنون التي تملكته حينما احتجزت خوانيتا .
تذكر كذلك موقفه مما حدث معها و قتاله في سبيل حريتها لدرجة أنه كان مستعدا أن يشاركها في سجنها عوضا عن التمتع بحريته .

بينما هو ماذا فعل ؟ ... ترك اميريتا وحيدة في حربها مع الجميع بينما يجلس مكانه بعجز محترقا بنيران الانتظار و ندمه ينخر روحه لتخاذله في الدفاع عنها .

أو على الأقل مواجهتها .. فقد هرب من تلك المواجهة طوال هذا شهر .. لم يرها منذ تلك الليلة التي فقدت فيها وعيها بين ذراعيه .. و حينما اضطر لتركها و الخروج من القصر لعمل هام .. ليعود متفاجئا بما حدث و الذي تركه مع صدمة لا زالت تسيطر عليه .

بل و حتى هذه اللحظة هو لا يصدق ما حدث ..و يؤمن أنه كابوس و سيستفيق منه لا محالة يوما ما .

لا يعرف كيف قد يبرر خذلانه لها ان واجهها ان نظر بداخل عيناها التي تجرده من كل اكاذيبه و مبرراته الواهية ... لهذا فضل عدم المواجهة .. حتى حينما اخبره المحامي المكلف بقضيتها برغبتها في رؤيته دون غيره تخلف عن الذهاب .

لا يدري كيف سيفسر هذا لها و لكنه يدرك أنها قد لا تسامحه على فعلته هذه أبداً .

كان جالس إلى مقعده المعتاد بجوار نافذة مكتبه المطلة على الحديقة و عيناه تراقب شرفة جناحهما بإنتظار ظهور طيفها كما اعتاد .. و كم كان الأمر مؤلما و هو متأكد أن انتظاره بلا فائده ترجى .

إنتبه من شروده علي صوت وصول إحدى السيارات ... و هذا ما تعجب منه فلا احد يأتي او يغادر لهذا القصر الملعون بعدما غادره الجميع .

فحتى صوفيا غادرت لوجهة غير معلومة لتقضي هذه الفترة بعيدا عن الأضواء و حديث الصحف الصفراء .

وحده بقى مع أشباح هواجسه و افكاره يصرعها حينا و تصرعه حينا أخر .

لم يبقى كذلك إلا عدد قليل من الخدم بعدما صرف معظمهم .

توقع ان يكون القادم واحدا من أفراد الشرطة او أحد الصحفيين المتطفلين فهم وحدهم يترددون على القصر .

وقف اليخاندرو على الباب يراقب تلك النسخة الاثيرية لصديقه الذي دائما ما إلتمس منه القوة .

و قد بدا صورة باهته إلى جوار ماريوس الذي يعرفه ... فهو يناقضه بلحيته التي استطالت بلا تهذيب و هندامه المفقود و شعره الغير مرتب و الأهم هو عيناه الخاليتان من الحياة التي عكست نظرة باردة لا تشي بأي شيء إلا الضياع .

تانجو 2 Where stories live. Discover now