"الفصل العشرون"

752 16 0
                                    

" الفصل العشرون"
گان الأمر مُحيّرًا لدى للبعض منهم أو لِنقل معظمهم ، و لكنها كانت الوحيدة التي تعلم جذور الموضوع الذي لم ترتضِ به حتى الآن و لكنها للأسف مُجبرة ليست مخيرة ، لم تتمكن أبدًا من إقناعها بالعدول عن قرارها المُفاجئ ، فـ جلست "سعاد" و كأنها على مرجل ، عضلات وجهها مُقلصة متشنجة ، و تزفر كل دقيقة تقريبًا ، تعقد ساعديها أمام صدرها ، و تهز ساقها بتوتر جلّ ، أثارت حيرة الجالس أمامها فتغضّن جبينه و هو يسألها:
- مالك يا سعاد؟ مش على بعضك ليه ؟
تشنجت نبرتها و هي تجيبه بنفور:
- مالي يا متولي؟ ما أنا كويسة أهو
ردد "راشـد" الجالس على الأريكة المجاورة لوالدهِ ذات الطراز العتيق:
- كويسة ازاي يا عمتي؟ شكلك قلقانة من حاجة؟
كادت تجيبه و لكن اقتطع صوتها ذلك الصوت الذي سبق خطوات القادِمة ، قرع عُكازها الذي تتوكأ عليه للأرضية ، كاد "متولي" أن ينهض عن محله ليعينها على السير ، و لكنها أشارت لهُ بـ عُكازها ذو رأس الأسد و هي تردد بصرامة ما زالت تتحلى بها:
- خليك مطرحك يا ولدي ، لساتني جادرة أمشي
زمّ شفتيه و هو يعاود الجلوس ، فـ تقوست شفتيّ "راشد" و هو يستقيم في وقفته لاستقابلها ، و حاول التبرير:
- ميقصدش يا جدتي
أومأت برأسها بحركة بسيطة و هي تجيبه بصوتٍ مبحوح:
- عارفة زين يا ولدي
بلغت مقعدها المميز ذو النقوش الفريدة المترأس لهم و قبل أن تعتليه كان "راشد" يدنو منها ينحنى ساحبًا كفها المُجعد ، ثم طبع قبلة حانية عليه و استقام واقفًا و هو يردد باهتمام جليّ:
- عاملة ايه دلوقتي يا جدتي؟
أومأت برأسها و هي تحتوى كفه بضغطة خفيفة:
- زينة يا ولدي ، زينة
ثم سحبت كفها برفقٍ لتشير لقعده من خلفها:
- اجعد يا ولدي و افتحلي ودانك زين ، الحديت دهِ يخصك
تغضن جبينه و هو يعاود الجلوس قائلًا بتعجب:
- يخصني؟
نظرت نحو "سعاد" المتشنجة من طرف عينها ثم أومأت و هي تردد بصوت حازم:
- ايوة يا ولدي
و نظرت نحو والده و هي تردد باحتداد:
- و انت يا متولي ، مهتعترضش على جولي
تفاقم ما بـ "متولي" من ريبة و هو يتبادل النظرات المستفسرة مع ابنه ، ثم حرف نظراته نحوها و هو يهتف بارتياب:
- بتجلجيني ليه عاد يا أمي؟
فرددت بنبرة جادة بالرغم من خفوتها و هي تستند بكلتا كفيها على رأس عكازها ذو الشكل الغريب:
- الموضوع ميجلجش يا متولي، أنا رايدة الخير لحفيدي راشد
و حرفت نظراتها نحو ابنه و هي تردد د بتلميح مُبطّن:
- شوف يا راشد يا ولدي، انت عارف إن الزمن دهِ بجى صعب تلاجي فيه راجل زين ، يفهم في الأخلاج و الأصول ، و يصون البنت و يحميها
ظل عاقدًا لحاجبيه و هو يهتف مستوضحًا بعدم فهم:
- أيوة مفهمتش قصدك يا جدتي؟.. انتي تقصدي إيه بالظبط ؟
فـ رددت نبرة ذات مغزى و هي تشير بعينها:
- مهتتزوجش بت عمتك راجل غريب عنا لا نعرف أصله و لا فصله ، مهتزوجش غير راجل من العيلة ، عارفينه زين و عارفين أخلاجه و ...
فـ قاطعتها "سعاد" محتجة و هي تحاول التوسل إليها:
- يا ماما
حرفت نظراتها الصارمة نحوها و هي تهتف باحتدام:
- كيف تجطعي حديتي يا سعاد؟
فـ ردد "متولي" محاولًا تلطيف الأجواء:
- صبرك بالله يا سعاد ، خلينا نفهم عاد أمي تجصد إيه
زفرت حانقة و هي تحنى نظراتها فاركة كفيها بتوتر جلي ، فـ عاد "راشد" يسألها:
- تقصدي "رهيف" يا جدتي؟
فـ تشدقت ساخرة :
- عنديك بت عمة تانية يا راشد؟ و لا هفكر في جواز أختها من دِلوك
أومأ برأسه و هو يعود بظهرهِ للخلف مستندًا لظهر الأريكة ، و راح يردد دون أن يحلل كلماتها و يفك شفرات حديثها:
- تمام ، لو عايزاني ادور لها على عريس مناسب فـ متقلقيش ، مش هسلم بنت عمتي غير لراجل من ضهر راجل يا جدتي ، و أنا أعرف...
افترّ ثغرها عن ابتسامة عريضة فـ تجعّدت بشرتها أكثر ، و برز طقم أسنانها الذي تستخدمه من خلف ابتسامتها ، و راحت تقتطع كلماتهِ بنبرة واثقة:
- بس أنا عندي الراجل دهِ يا ولدي ، راجل أعرفه زين ، و يعرفني هو كمان زين ، راجل من ضهر راجل كيف ما بتجول
ارتفع حاجبيه و هو يقول بفضول:
- بجد!.. ميـن؟
أشارت برأسها إليه و هي تُلقي بقنبلتها في الوسط:
- انـت!
.....................................................................
گُلما حاولت أن تدينه تجد منه ما لا تتوقعه ، و كلما حاولت أن تجد ردًا على أفعالهِ الغير مفهومة تجد سببًا آخر لحيرتها و تيهها ، لمَ؟.. لا تدري ، و لا تجد ردًا على ذلك السؤال ، و لكنها بالنهاية لم تجد سِوى أنهُ يحاول حماية اسم عائلته فقط ، و اقتنعت اقتناعًا كليًا بذلك السبب .
و أمام أسئلة رفيقتها المتكررة الفضوليّة قصت عليها ما حدث ، فـ تسببت بحيرة الأخيرة ، كانت " رهيف" رافعة حاجبيها و هي تحملق بزوجها بتعجب ، ثم نظرت نحوها و هي تردد مستنكرة:
- يعني سحب البلاغ؟ انتي كده في أمان؟ البوليس خلاص مش هيدور عليكي
فكانت إجابتها مقتضبة للغاية:
- لأ
فعطفت نظراتها المستفسرة نحوها و هي تسألها و قد استشفت شيئًا:
- و ده معناه إيه؟
رفعت "يارا" كتفيها و هي تُطلعها على ما توصلت إليه متنهدة بحرارة:
- مفيش معنى لكل اللي بيعمله ده غير حاجة واحدة و بس
ضيقت عينيها و هي تردد مستوضحة:
- و إيه هـو؟
- إنه عايز يحمي اسم عيلته
فـ استنكرت ذلك:
- و الله!
أكّدت لها "يارا" قولها:
- أيـوة ، يامن ده أنا عارفاه كويس ، انسان نرجسي و مغرور ، مبيخافش على حاجة قد خوفه على صورته قدام الناس ، و لو اتنشر ان مراته بتخونه أو .. أو .. أو ، فأكيد ده هيلوث سمتعه
فـ سخرت منها " رهيف" مقوسة شفتيها بفتور:
- و الله انتي مانتي فاهمة حاجة أصلًا ، لو شوفتي كان ملهوف ازاي عليكي كنتي فهمتي كويس
قست تعبيرات "يارا" و هي تميل بجذعها عليها مغمغمة بنبرة جافّة:
- و لو شوفتي هو ملهوف ازاي على انه ينتقم مني و من عيلتي كنتي فهمتيني!
تجاهلت "رهيف" ذلك و قد تراءت لها تلك الكدمة فور اقترابها منها ، فـ أشارت إليها بعينيها و هي تغمغم قلقة:
- مامتك سألتك على الكدمة دي؟
و كأنها ضغطت على جرحها النازف ، ازدردت "يارا" ريقها و هي تتلمسها بأطراف بنانها ، أطبقت جفنيها بقوة محاولة أن تمحي تلك اللمحات التي أخذت تتراءى أمام نظراتها ، ثم همست بصوتٍ خفيض مختنق:
- سألتني ، و معرفتش أقولها إيه
استنكرت " رهيف" ذلك تمامًا و هي تعود بظهرها للخلف :
- نعم! انتي مقولتلهاش إللي حصل لك؟
فتحت "يارا" جفنيها و هي تحني نظراتها للأسفل متمتمة بفتور:
- أكيـد لأ ، انتي مجنونة! عايزاني أقولها كده على ابن خالها اللي هي بتموت فيه! و خالي!.. خالي لو عرف هيجراله إيه، انا بحب خالي أوي يا رهيف ، خالي ده الراجل الوحيد اللي كان سند لينا في غياب بابا ، و بالرغم من حالته ، إلا إنه مقصرش أبدًا
فـ رددت "رهيف" معنفة و قد ارتفع حاجبيها غيظًا:
- انتي مجنونة يا يارا؟.. ده ابن خالك ، يعني الصلة بينكم قريبة جدًا
و ضيّقت عينيها و هي تستأنف بنفور:
- لو قابلتيه في مناسبة؟ لو جه يزوركم  و انتي عند أهلك صدفة؟ لو.. لو.. لو ، هتقدري تقابليه؟ هتقدري تشوفيه يا يارا بعد اللي عمله؟ منه لله الحقير ، ده حتى مراعاش صِلة القرابة اللي بينكم
أحنت "يارا" بصرها و هي تتشدق باستياء شبه ساخر:
- ميجوزش عليه غير الرحمة دلوقتي!
انبعجت شفتي " رهيف" بابتسامة و هي تهتف بحبور:
- مات؟
رفعت "يارا" انظارها الحارقة إليها و هي تغمغم بحنقٍ:
- اتقتل!.. قصدك اتقتل
و التفتت لتنظر نحوه و هي تشير إيه بعينه:
- قتله! قتله بدم بارد
تلاشت ابتسامة "رهيف" و قد اضطربت قليلًا:
- قتله!
أومأت برأسها و هي تغمغم بآسى:
- مش مصدقة اني كنت السبب في قتل ابن خالي
فرددت "رهيف" و قد استعادت صلابتها:
- يارا! مفيش حد ظلمه قد نفسه
نظرت نحوها بحنقٍ مستهجنة رد فعلها الغير مبالي ، ثم أشارت إليه دون أن تلتفت مرددة بصوتٍ ناقم:
- بقولك قتله ، قتله يا رهيف انتي مستوعبة ؟ أنا متجوزة قاتل
فـ احتـدت لهجة " رهيف" قليلًا:
- انتي مش مهتمة قاتل و لا لأ يا يارا ، انتي كل اللي هامك خالد و بس!
فـ دافعت قليلًا عن حالها و هي تشير بسبابتها إلى نفسها:
- مش ابـن خالي!!
و زفرت أنفاسها الحانقة و هي تدمدم ساخطة:
- تصدقي ، يا ريتني اتجوزته من زمان ، مكنش كل ده حصل لي
ارتفع حاجبيها ، و توسعت عيناها بصدمة جلية ، ارتخت عضلات وجهها قليلًا اثر شدوها ، و فور استيعابها تشنجت تعبيراتها و نبرتها و هي تهدر باحتدام:
- نعــــم!.. اتجننتي! أكيـد اتجننتي
ترقرقت العبرات في مقلتيها و هي تصيح بنبرة مشتدة:
- أيـوة اتجننت ، أنا فعلًا اتجننت ، بعمل حجات مش محسوبة و بقول كلام مش فاهماه! أنا حاسة اني اتجننت فعلًا ، لكن..لكن جوازي من خالد كان أحسن حل
سحبت "رهيف" كفها و هي تضغط عليه بخِفة مرددة بنظراتٍ محذرة:
- يارا ، ارجعي لعقلك يا حبيبتي ، خالد مين ده اللي تتجوزيه
فـ راحت تبرر لها ما أملاهُ ذِهنها عليها و قد توسعت عيناها بجنونٍ كما لو أنها قد وجدت الحل توًا:
- أيوة يا رهيف ، لو كنت وافقت أتجوزه ، مكنتش هتجوز يامن ، لو كنت وافقت أتجوزه كان.. كان هيعاملني كويس ، هو.. هو كان بيحبني ، أيوة يا رهيف صدقيني كان بيحبني ، لو.. لو كنت وافقت أتجوزه كان فاتني اسعد انسانة في الدنيا ، ماما.. ماما قالتلي على فكرة ، قالتلي مش مهم انتي تحبيه ، المهم انه هو بيحبك عشان كده هيقدر يسعدك ، و.. و بعدين أنا.. أنا مكنتش بكرهه ، يمكن كنت بحبه و مش عارفة
اقتُطع صوتها و قد جذبتها "رهيف" لأحضانها بعدما تجمعت الدموع في مقلتيها تأثرًا لحالتها تلك ، أشفقت عليها كثيرًا ، حركات كفيها و هي تتحدث، و توسع مقلتاها ، تعبيراتها، استكانت بين أحضانها و هي تحاول بصعوبة كبح دموعها ، و لكنها كانت تسري على وجنتيها بلا إدراك منها ، راحت "رهيف" تضمها أكثر إليها و هي تمسد بحركة هادئة على ظهرها محاولة تهدئتها:
- اهدى يا يارا أرجوكي ، متستسلميش لأفكارك الغريبة دي ، أنا عارفة انك شوفتي كتير ، و انك مش قادرة تصدقي اللي حصل ، بس عشان خاطري اهدي شوية
ابتعدت "يارا" عنها و هي تحني نظراتها مغمغمة بصوتٍ تائه:
- أنا.. أنا اتجننت يا رهيف صح
ضمت "رهيف" وجنتيها و هي تردد بصوتٍ خافت:
- لا يا حبيبتي ، انتي نفسيتك تعبانة مش أكتر
و أخفضت كفيها لتسحب كفي "يارا" و هي تشدد من قبضتها عليه:
- أرجوكي يا يارا ارجعي لوعيك و فكري ، خالد مين اللي بتدافعي عنه؟ و خالد مين اللي كنتي بتحبيه ؟ انتي مش عارفة انه بيحشش! يعني زبالة من يومه يا يارا ، ده انتي بنفسك اللي حاكيالي
و تقلصت عضلات وجهها باشمئزاز و هي تردد بنفورٍ تام:
- ده انسان قذر! منساش أبدًا نظرته ليا لما جيت لك أيام الكلية و كان موجود ، اللي زي ده يا يارا ميستاهلش غير الموت و بـس!
و صمتت هنيهة تتأمل تعبيراتها ، و لما أحسّت أنها كادت تستجيب لكلماتها ، تحفزّت خلاياها و هي تستأنف مُضيّقة عينيها و بسخطٍ تام و هي تشير بسبابتها و إبهامها بحركةٍ تدل على القِلة:
- خالد ده لو كان بيحبك ذرة!.. ذرة واحدة مكنش فكر يعمل عملته دي
 و راحت تحتضن كفها مجددًا و هي تستطرد بنبرة ثابتة:
- لو كنتي اتجوزتيه يا يارا مكونتيش هتشوفي غير الذل و القهر! لو كنتي اتجوزتيه عمرك ما كنتي هتشوفي السعادة في حياتك ، واحد زي ده عمره ما كان هيحافظ عليكي ، هيحافظ عليكي ازاي و هو عاطل و بيشرب و بيحشش ، و كل يوم مع واحدة شكل!.. تقدري تقوليلي سعادة إيه اللي كنتي هتشوفيها معاه؟.. ده حتى بنت عمته مرضيش تفلت من تحت إيده ، طمع فيكي يا يارا!.. عارفة يعني ايه؟
أطبقت "يارا" جفنيها بقوة و هي تطرد زفيرًا ملتهبًا عن صدرها ، فـ راحت "رهيف" تحتوى كفها بضغطةٍ خفيفة أجبرتها أن تنظر نحوها ، حرفت "رهيف" نظراتها بين عينيها و هي تردد و قد ارتخت لهجتها قليلًا:
- قولي الحمد لله انه نجاكي و بس يا يارا!.. ربنا فعلًا بيحطك في ابتلاءات ، لكن الحمد لله بتطلعي منها ، الحمد لله انتي كويسة و محصلكش حاجة ، و الحمد لله بعد اللي عملتيه و الدنيا كلها كانت مقلوبة عليكي و نهايتك كانت هتبقى في السجن.. دلوقتي أهو ، انتي قدامي، و يمكن الابتلاء اللي انتي فيه و هو جوازك اللي انتي مغصوبة عليه يكون سبب في سعادتك بعد كده
سحبت كف واحد من كفيها لتنزح دموعها بأطراف أصابعها ، و حاولت جاهدة أن تتحكم بشهقاتها و هي تغمغم مستوضحة:
- قصدك إيه؟
- بُصي أنا مش هقولك ان جوزك أحسن راجل في الدنيا ، و لا هقولك انه بيحبك و دايب فيكي ، و عارفة انه متجوزك عشان سبب معين ، لكن هو مش وحش أوي زي ما انتي متخيّلة!
امتعضت على الفور ، و سحبت كفيها بنفور و هي تجيبها بنبرة فاترة:
- انتي متعرفيش حاجة
- كفاية انه حافظ عليكي ، أظنك فاهماني!.. يعني كمان تحمدي ربنا في دي يا يارا ، في أوحش منه كتير ، كفاية انه حتى محاولش يجبرك على حاجة
فـ احتدت و هي تنظر نحوها بنبرةٍ قاتمة:
- ده أنا كنت أقتله قبل ما يقرب مني!
فتشدقت ساخرة و هي تشير له من خلف رموشها:
- طب ما انتي اللي عملتي فيه كده من غير ما يعمل حاجة من دي!
فـ زفرت حانقة و هي تشيح بكفها مغمغمة بنبرة ناقمة:
- يــوه ، أهو اللي حصل بقى ، و بعدين حاولت أصلح غلطي بكل الطرق ، و ..
ابتلعت كلماتها حين ارتفع رنين هاتف "رهيف" فـ ارتفع حاجبيها و هي تضرب جبينها بكفها:
- أوبا ! أنا نسيت رهف خالص!
و راحت تبحث في حقيبتها عن هاتفها فـ سألتها "يارا" و قد ارتخت لهجتها قليلًا:
- هي مامتك مش موجودة؟
- لأ ، ماما في البلد عشان جدتي تعبانة
فـ سألتها باهتمام:
- أومال انتي سايباها مع ميـن؟
وجدت هاتفها و قبل أن تجيب على الاتصال رددت على عجل:
- سايباها مع جارتي ، فاتها قلبت الدنيا ، أنا عارفاها مبتسكتش ، ألو.. أيوة يا رهف .. حاضر و الله عارفة إني اتأخرت.. حاضر هجيب لك حاجة حلوة
وأبعدت الهاتف عن أذنها و راحت تدقق النظر في الشريط العُلوي لتستكشف الساعة ، ثم أعادته و هي تردد:
- أيوة يا روڤي ، خلي طنط تفرجك على توم و جيري فاته جه ، و اعتذري ليها عن التأخير ، نص ساعة بالكتير و هكون عندك يا حبيبتي ، باي
و أغلقت الهاتف و هي تتنهد مُطولًا مغلقة هاتفها ثم رددت و هي تنهض ساحبة حقيبتها:
- أنا لازم أمشي يا يارا
استقامت "يارا" و هي تردد بضيق:
- بدري كده!.. خليكي معايا شوية
فـ طبعت قبلتين على وجنتيها و هي تودعها:
- مينفعش أسيب رهف أكتر من كده ، هكلمك تاني تمام
و راحت تمضي نحو باب الغرفة ، فـ اقتادها "يارا" للخارج ، رأت " حبيبة" تخرج عن المطبخ و هي تحمل أكواب الشاي و بعض الحلوى مرافقة لها، غمغمت "حبيبة" مستنكرة و قد استشفّت أنها سترحل:
- اوعي تقولي انك ماشية
ابتسمت "رهيف" و هي تغمغم معتذرة:
- أيوة يا طنط ، معلش اعذريني ، سايبة اختي مع جارتي و اتأخرت عليها
فـ رددت " حبيبة" و هي تترك الحامل المعدني فوق الطاولة الصغيرة ، و عاتبتها قائلة:
- و ده كلام يا رهيف!.. ده أنا عاملة حسابك في الغدا
فـ رددت "يارا" ساخرة:
- غدا إيه يا ماما ، اسمه العشا ده العشاء أذنت من ساعة
فرددت "حبيبة" متعجبة و قد ارتفع حاجبيها:
- يــا!.. الوقت لحق يعدي
فـ غمغمت "يارا" و قد أصابها الوهن من الأحداث المُتلاحقة:
- لحق يعدي ايـه!.. أنا حاسة إن اليـوم ده بالسنة كلها
فـ احتوت "رهيف" كفها و هي تمرر ابهامها عليه مبتسمة بلطف و هي تحاول بث القوة في نفسها:
- معلش يا حبيبتي ، يومين و هيعدوا ان شاء الله
أومأت "يارا" إيجابًا و لم تجبها ، فرددت "حبيبة" و هي تربت على كتفها :
- خلاص انتي تباتي معانا ، مش هتمشي انتي في الوقت ده
بادرت "رهيف" على الفور :
- لا لا يا طنط أبات إيه بس؟.. بقولك رهف أختي سايباها ، مش هينفع خالص
فـ أشارت "حبيبة" لأقداح الشاي و هي تردد معاتبة:
- طب حتى اشربي الشاي و كُلي لك لقمة ، ده أنا موجبتش معاكي
فـ طبعت "رهيف" قبلتين على وجنتيها أثناء ترديدها:
- و لا يهمك يا طنط و الله ، أنا عارفة إن حضرتك تعبانة
ربتت " حبيبة" على ظهرها و هي تردد بامتنان:
- بس دي مش آخر زيارة ، لازم تيجي تاني و تجيبي معاكي أختك
ابتعدت "رهيف" عنها ، و لم ترفض على الفور گنوعٍ من اللباقة:
- حاضر هجيبها
اقتادتها "يارا" نحو الباب و هي تردد مشيرة بكفها:
- تعالي يا رهيف
................................................................
انتهى من رص الملابس الخاصة به في الخِزانة الصغيرة بتلك الغرفة الطبيّة ، فـ أوصد كلا الضلفتين و استدار و هو يردد بصوتٍ جاد:
- خلاص يا فندم
كان معتليًا مقعدًا مجاورا لفراشهِ ، مائلًا بجذعه للأمام قليلًا ، مستندًا بمرفقيه إلى ركبتيه ، و أنامله تتحرك بشكلٍ منتظم و كأنهُ يحادث أحدهم كتابيًا ، انتبه إليه فـ ضغط على الزر الجانبي لتُظلم شاشة الهاتف ، ثم دسه في جيبه و هو ينتصب مخرجًا حافظة نقوده ، و أخرج مبلغًا نقديًا و هو يبسط كفه إليه مرددًا بنبرة جادة يشوبها الفتور:
- متشكر
برقت عينيهِ بوميض لامع و هو يسحب النقود من كفه، و اعتلى ثغره ابتسامة و هو يردد:
- العفو يا بيه ، لو احتجت أيّتها حاجة احنا في الخدمة
تجاهل الرد و هو يدنو من جسد ابن عمه ، فـ تحرّج الأخير من موقفه ، و راح يخطو نحو الخارج موصدًا الباب من خلفه ، انحنى "فارس" بجذعه ليميل عليه قليلًا عاقدًا ساعديه أمام صدره ، تأمل وجهه عن كثب و تلك الأنابيب الطبيّة التي تخرج من فمه و أنفه ، للحظة خشى فُقدانه ، تلك الفكرة وحدها تنهش من خلاياه ، خفق قلبه بعنف بين أضلعه ، و تزامن ذلك مع صوت رنين هاتفه ، فـ حل ساعديه و قد عقد حاجبيه ، و أخرج هاتفه ملقيًا نظرة على شاشة الهاتف ، ابتعد قليلًا عنهُ ليمضي نحو نافذة الغرفة، و سحب الستائر القاتمة لينظر من خلالها ، حيث ظلمة الليل الحالكة ، ثم حرر زفيرًا حارًا قبل أن يجيب بنبرة غامضة:
- عملت إيـه؟
فـ طمأنهُ الأخير:
- متقلقش يا فارس بيه ، الواد ده هيكون عندك في أقرب وقت
غمغم "فارس" متأففًا:
- اللي هو امتى يعني؟ أنا عايز أخلص
ازدرد ريقه قبل أن يردد بهدوء حذر:
- يومين بالكتير و يكون عندك
فـ صاح فجأة و قد تشنجت لهجته:
- يومين!.. ليه ان شاء الله ؟
فـ حاول أن يبرر لهُ قائلًا بارتباك شاب نبرته:
- يا فارس باشا الواد ده مش سهل ، رئيس الجريدة امره اسهل منه بكتير
ردد "فارس" بنبرة حاسمة و هو يشير بكفه:
- اسمـع!.. عندك لبكرة بالكتير و يكون عندي
زمّ شفتيه بضيق و هو يحنى رأسه ، ثم تنهد بحرارةٍ أعقبها بقوله:
- حاضر يا فارس بيه ، اللي تشوفه
هدأت نبرة "فارس" قليلًا و نظراته تسلط على المحيط الدامِس من حوله ، ثم توسط خصره بكفه و هو يسأله بصوت قاتم:
- و الموضوع إياه؟ عملت فيه إيه؟
- دي كانت أسهل حاجة يا باشا، ممكن حضرتك تتأكد بنفسك لو حابب ، مفيش موقع واحد لسه عليه حاجة
فسأله متشككًا:
- و الفيديوهات؟
أكد له ما فعلهُ بقولهِ:
- كله اتمحى يا باشا
أومأ برأسه و قد تراخت تعبيراته المتشنجة قليلًا، ثم أردف راضيًا:
- تمام.. سلام
و أغلق دون حتى أن يستمع لرده ، أخفض نظراته لشاشة هاتفه ، و راح يحاول الاتصال به و لكن دون جدوى ، فمرر أنامله بين خصلاته و هو يزفر حانقًا ، دس هاتفه في جيبه بعدما قنط من إجابته ، ثم تشدق ساخرًا:
- أديني بنفذ اللي طلبته أما نشوف آخرتها معاك ، يعني أما تقع يا يامن متقعش إلا مع دي!
............................................................
تأوّهاتٍ خافتة صدرت عنها عقب أن أنهت حمامًا دافئًا عانت بهِ لدى سكب المياه فوق جروحها، تزيل بهِ الدماء التي انسالت من جروحها العديدة بساعديها و ذراعيها، و بساقيها المكشوفين، و قد اكتظّ جسدها بأكملهِ بالكدمات الموجعة، جلست "هُدى" على طرف الفراش، و قد علقت نظراتها على انعكاس وجهها في المرآة، فتبيّن لها ذلك التورم بوجنتيها، و شفتيها، و تلك الزرقة المحاطة لأسفل إحدى عينيها، أنّت مجددًا و هي تحنى بصرها عن صورتها البشعة، متلمسة كدمة منهنّ بأطراف أناملها، فأطبقت جفونها و هي تكز على أسنانها بحنقٍ بالغ، ثم غمغمت بوهنٍ من بينهم:
- و الله يا كمال لأخليك تقول حقي برقبتي، و حياة ابني ما سايباك تفلت بعملتك دي!
...................................................................
مجددًا و مجددًا يلجأ إليه حتى صار يتحرج منه ، خاصة بعد موقفهما الأخير الذي اشتد فجأة، أحنى "حسين" نظره و هو يرتمي بجسده على طرف الفراش ، استند بمرفقيه على ركبتيه و دفن وجهه بين كفيه بقلة حيلة ، سحب "موسى" احد الكراسي الخشبية التي ملأها الشقوق ، و جلس أعلاه أمامه ، ثم ربت على كتفهِ برفق و هو يردد بنبرة جادة محاولًا مواساته:
- استهدى بالله كده يا حسين ، متعملش كده
أزاح كفيه عن وجهه و هو يردد حانقًا:
- طبعًا الهانم فاتها بتكرهها فيا!..عايزة تطلعني بكره بناتي بأي شكل ، أنا مش عارف مالها دي!
حاول جاهدًا أن يصلح ما بينهما:
- يا عم خايفة على البنات ، هي الأم كده ، قلبها بيخليها تقول حجات مش في دماغها
فلم يقتنع مطلقًا و لكن "موسى" لم ييأس ، حيث أخذ يستطرد بنبرة جادة:
- الأم لو حصل حاجة لابنها و لا بنتها مبتبقاش شايف قدامها يا حسين، مبتبقاش شايفة غير ولادها و بس
أصابه الاختناق من محاولاته التي سـ تبوء بالفشل ، فأزاح كفه عن كتفه قائلًا بنبرة فاترة:
- خلاص يا موسى ، أنا مخنوق يا أخي ، مخنوق مش ناقص أتكلم في الموضوع ده
أومأ برأسه متفهمًا ، تسلل لآذنهما تلك الطرقات الخفيفة على الباب ، فـ نهض "موسى" ليمضى نحوه ، و أدار المقبض فاتحًا الباب بدرجة خفيفة حيث لا تظهر زوجته لـ "حسيـن" من خلفه ، ابتسمت الأخيرة و هي تردد بدفء:
- جبتلك العشا
أسند الباب بقدمهِ و قد افتر ثغره عن ابتسامة عريضة ، ثم تناول الحامل المعدني منها و هو يردد:
- تسلم ايدك يا خلود ، أصيلة
تلاشت بسمتها لتردد بقلقٍ طفيف:
- طب قولي حصل إيه؟.. حاول تصالحهم على بعض يا موسى ، مينفعش يسيب بيته و هما محتاجيله
اختفت الابتسامة عن وجهه و راح يطرد زفيرًا حارًا من صدره ثم أعقبه بـ:
- مش دلوقتي يا خلود ، مش عايز يتكلم في حاجة ، أنا بقول أسيبه للصبح و بعدين نتكلم على رواقة
أومأت برأسها بحركة خفيفة و هي تردد:
- تبات نار تصبح رماد يا موسي ، انا نازلة أشوف رنا
أومأ برأسه و هو يشير برأسه:
- انزلي انتي و أنا شوية هنزل وراكي
- حاضر
و تركته لتستدير منصرفة ، فتابعها حتى اختفت عن مرمى بصره ، أوصد الباب بقدمهِ و هو يستدير ليجده يحدق بنقطة ما بالفراغ و كأنه يتوعد أحدهم بداخله ، فـ حمحم و هو يخطو نحوه لينبهه، و بالفعل أخرجه من شروده فالتفت إليه، تغضن جبينه حين ترك " موسى" الحامل على الطاولة القصيرة ، ثم فرك كفيه متحفزًا و هو يستقيم في وقفتهِ:
- أم رنا عليها نفس في الأكل يا حسيـن ، مقولكش ، هتاكل صوابعك وراه
فرفض "حسين" فورًا:
- أكل ايه بس يا موسى! أنا جعان نوم ، عايز أرتاح
فـ ابتسم و هو يسحبه من ساعده ليحثه على الوقوف:
- يا عم كل و بعدين ارتاح
 استقام واقفًا و لكنه اعترض ثانية بلهجة فاترة:
- مااليش نفس يا موسى و الله لأي حاجة ، سيبني الله يكرمك
فـ تشبث الأخير به مُصرًا بنبرة حازمة:
- أسيبك مين! و الله أبدًا ، لازم تاكلك لقمة ، و بعدين نام ان شاء الله للسنة الجاية
و أمام اصراره قنط من إقناعه بالعدول عن رأيه ، فجلس أمام المنضدة على الأرضية ، و جلس "موسى" أمامه، سحب ملعقته و شرع يغرسها بطبق الأرز أمامه ، بينما "حسين" أخرج حافظة نقوده من جيبه، لاحظ " موسى" أنه لم يشرع بتناولهِ ، فـ تغضن جبينه و هو ينظر نحوه متسائلًا:
- ما تاكل يا ابني، بتعمل إيـه؟
أخرج "حسين" عدة وريقات من حافظتهِ ، ثم بسط كفه إليه و هو يردد بنبرة جادة:
- ايجار اليوم ده يا موسى، و متقلقش.. بكرة هروح أشوف شقة أجرها أقعد فيها!
استهجن "موسى" تصرفه، و قد قطب جبينهُ و هو يبعد كفه:
- انت بتعمل إيه يا حسيـن؟ اتجننت و لا إيه
أطبق "حسين" جفنيه و هو يصر على رأيه مشددًا على كفه:
- امسك يا موسى ، متتعبنيش!
أطبق " موسى" كفه على كف "حسين" و هو يردد مصرًا:
- و الله أبدًا يا حسيـن، ده احنا عشرة عمر يا أخي
فحاول إقناعه بصعوبة:
- يا موسى ده..
قاطعه و هو يردد بنبرة ذات مغزى:
- شيل فلوسك يا حسين و عينها، لا هتشوف شقة و لا هتطلع من هنا غير على بيتك يا حسين، خلاص؟
 و نهض مستقيمًا و قد بدت نبرته فاترة:
- اتعشى و نام يا حسيـن ، و ابقى اتغطى كويس ، ماشي
ثم استدار ليغادر تاركًا له يتابعه بنظراته، زفر "حسين" مختنقًا و هو يخفض نظراته للأموال ، و ما لبث أن دسها مجددًا في حافظة نقوده و هو يغمغم متضرعًا:
- يا رب!
..............................................................
- أنـا!
قرارًا عجيبًا لم يكن يتوقعه مطلقًا، كان گمن حلّت عليه صاعقة توًا ، احتلّت الصدمة التامة قسمات وجهه و تلقائيًا راحت أنظاره تنحرف نحو والده أولًا ، و الذي لم يقل عنه صدمة ، ثم عطفها قليلًا نحو عمته التي أحنت نظراتها الحانقة عن الجميع ، حتى انتشلهُ من شروده صوت جدتهِ الصارم و كأنها تُلقى بأمرٍ لا يقبل النقاش:
- شـوف يا ولدي ، اللي ما يسمع لكَبيرَه يا تعاتيرَه ، مهسلمش بت بتي للغريب و الجريب أولى بيها!
فـ نظرن نحوها و هو يتحفّز في جلسته ليواجهها قائلًا باحتجاج:
- أيوة يا جدتي ، بس.. الكلام ده كان زمان ، دلوقتي الوضع اتغير ، أنا و رهيف أساسًا مش متوافقين ، و معتقدش انها وافقت على الموضوع ده
فـ ضربت الجدة بالعصا الأرضية و هي تردد بعبوس:
- مهتتحدتش كيف عمتك يا ولدي
فـ أيّدت " سعاد" رأيه و هي تحاول مناصرته:
- يسلم فُمك يا راشد يا ابني ، رهيف متعرفش حاجة عن الموضوع ده
 و اعتدلت في جلستها و قد افتر ثغرها عن ابتسامة عريضة:
- شوفتي يا ماما! أهو راشد مش موافق
نظرت نحوها بنظرة صارمة ثم عادت تنظر نحو "راشد" و هي تردد بنبرة ذات مغزى محاولة العبث بأوتار قلبه:
- راشد مهيكسرش كلمتي ، راشد ولد ولدي أنا عارفاه زيـن
فـ حاول " متولي" أن يُبدي احتجاجهِ لما اتخذت والدته من قرارٍ:
- يا أمي ايه اللي بتجوليه دِه عاد؟
فـ حذرتهُ قائلة بصوتها الحازم بالرغم من وهنه:
- اسكت انت
فتأفف و هو يشيح بنظراته عنها ، بينما كان "راشد" يردد بتريّث:
- يا حبيبتي أنا مقدرش اكسرلك كلمة ، لكن لما تكون حاجة أقدر أعملها ، ده جواز ، يعني لازم يبقى في اتفاق بين الطرفين ، و انتي عارفة إن أنا و رهيف مينفعش نتجمع في مكان واحد ، و لا تجمعنا جملة مفيدة ، يبقى ازاي نتجوز؟
أيّدت "سعاد" رأيه فورًا:
- أهو يا ماما ، راشد مش موافق ، و رهيف كمان مش هتوافق ، يبقى ننهي الموضوع ده ، أرجوكي
استحسن "متولي" حديثها، فقال بلهجة جادة و هو يهز رأسه بإيماءة خفيفة:
- أنا رأيي من رأي سعاد
اندفعت الدماء في عروق العجوز، فـ امتعض وجهها و هي تقطب حاجبيها اللذين تساقطا مع الزمان و لم يبقَ منهما إلا خطين رفيعين ، و راحت تشدد من قبضة كفها على مِقبض عكازها ، مررت النظرات المحتدمة بين الجميع حتى تركتها على عينيّ "راشـد" ، انتصبت في وقفتها ، ثم رفعت عُكازها لتنقر بهِ الأرضية و هي تهدر بصوتٍ اخترق صفحة السكون الذي عمّ فجأة:
- ميهمنيش رأي واحد منيكم ، بت سعاد مهتتزوجش غير راشد.. ولد وِلدي!
..................................................
...................
..................................................................
 

في مرفأ عينيكِ الأزرق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن