" الفصـل الثـانى عشـر"

1.2K 41 0
                                    


هناك أناس تربع الحقـد في قلوبهـم حتى صارت وظيفـة القلب لديهـم ضخ الدم فقط و لا علاقـ له بالمشـاعر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كان رؤيتها لـ والدهـا و هـو يقرب الطعام من شفتيـه كـ الصاعقة ، جحظت عيناها بـ صـدمـة و تخشبت الكلمات على أطراف لسانها ، و وقفت كـ الصنم بمحلها غير قادرة على التحرك ، و لكن سريعًا ما تحفزت خلاياها و اندفعت الدمـاء في عروقها و هي تصيـح لـ تستوقفه :
_ بــــابـــــا

و في ذات الآن رددت "حبيبة" و هي تخرج من المطبـخ :
_ حسيـــن قوموا نصلي العصـر الأول ، بلاش نأخـر الصلاة

توقف "حسين" في اللحظة الأخيرة و هـو يرفع نظراته اليهما ، ثم لوى ثغره بابتسامة بسيطة و هـو يعاود وضعها بداخل العلبة الكرتونيـة متمتمًا :
_ كويس انك فكرتيني يا حبيبة ، أنـا متوضي أصلًا

أومأت "حبيبة" برأسها و قد لوت ثغرها بابتسامة مشرقة ، ثم دلفت ثانية لـ تُذكر ابنتها الكبرى بالصلاة و تتوضأ ، بينما بقيت "يارا" جامدة في مكانه ، فـ تنغض جبين "حسيــن" و هـو يردد بـ دهشـة :
_ يالا عشـان تصلي العصر يا يارا

ازدردت ريقها بتوتر ، و أومأت برأسها عدة مرات متمتمة و هي تخفض رأسها حتى لا يلاحظ ذُعـرهـا البادي على وجهها :
_ حاضر يا بابا

فـ اقترب منها "حسيـن" مربتًا على كتفها ، ثم دلف لداخل حجرته ، فـ ركضت "يارا" نحو الطاولة ، سلطت نظراتها على الطعام ، و تهاوى جسدهـا على المقعد ثوانٍ خرجت شقيقتها و معها والدتها فـ رددت "ولاء" بـ نبرة جادة :
_ ايه يا بنتى مش هأتتوضى ؟

أومأت برأسها مرددة بـ اضطراب :
_ هأتوضى ، كنت .. كنت بأستناكم

فـ رددت "جبيبة" و هي تلج لـ غرفتها :
_ طب بسرعة يا يارا متتلكعيش ، أبوكي عايز ينزل

حبست أنفاسها المتوترة حتى تأكدت من دلوف كلتاهما لـ غرفتها و انتظرت ثوانٍ لتضمن عدم عودتهما ، ثم هبت واقفة و هي تخرج الطعام من علبتهِ الكرتونيـة ، ثم ألقته على الأرضيـة و دعسته بـقدمها لتفسـده تمامًا ، و دفعت العلبة الكرتونية بيدهـا لتسقط على الأرضية ، و أرادت التظـاهر بـ فقدان الوعي فـ يبدو أنها أرادت الاستناد على الطاولة كي تستعيد توازنها فـ بدون قصدٍ منها دفعت الطعام عنها ليسقط على الأرضيـة ، و لكن بالفعل اختنق صدرهـا و كأن هناك من يُطبق على أنفاسها ، و شحب لون وجهها أكثـر و سريعًا ما أظلمت الدنيا أمام عينيهـا لـ تستسلم لـ رغبـة عقلها بالابتعـاد مؤقتًا عن الواقع المُريب ، فـ تراخي جسدهـا فجأة لـ تسقط على الأرضيـة فاقـدة لـ وعيها .

...............................................................................................

اخترقت تلك الرائخـة أنفها فـ تحفزت حواسها بالكامل و أُجبـرت أن تفتح عينيها فـ داهمتها الإضاءة القويـة ، فـ رمشت بـ عينيها عدة مرات حتى تمكنت من فتحهما ، حركت عينيها بـبطء لتتفاجأ بـ تجمع الجميع حولها ، فـ تسائلت بنبرة واهنـة :
_ ايـه اللى حصل ؟
تنفس الجميع الصعـداء ، و أبعـد "حسيـن" كفه الذي نثر عليه العطر عن أنفهـا فـ اقتربت منها "حبيبة" مقبلـة جبينها و ضمتها الى صدرهـا متمتمة بنبرة مبحوحة من البكاء :
_ وقفتي قلبي يا يارا ، الحمد لله انك كويسة

في مرفأ عينيكِ الأزرق Where stories live. Discover now