"الفصل السادس و العشرون"

1.2K 27 1
                                    

" الفصـل السادس و العشـرون"

  ران على الجميع صمتٌ مريب ، استقام " عمـر" بوقفته و قـد تجلت الصدمـة على ملامحه ، رمش بعينيه عـدة مرات غير مستوعبًا ما يحدث ، بينما رددت "هـدى" و هي تحرر ساعديها بـ صدمةٍ جلية و كأنها لم تستوعـب بعد :
_ مـ..مراتك يعني ايـه ؟ ايه الكلام ده ؟
سار "عمر" نحـوه ، و سلط بصره عليها ليرى تعبيراتها بـ وضوح و هـي مُخفضة لـ رأسها ثـم رفع نظراته الى أخيه لـ يردد بـ ذهـول :
_ انت .. انت اتجـوزت ؟
نقل " يامن" بصره اليه و زفر بـ نفاذ صبر و هـو يمرّ من جـوراهم ، فـ رددت " هـدى" بغيظٍ :
- استنى هنا رايـح فيــن ، مراتك يعنى ايـه ؟
استكمـل طريقه سائرًا نحـو السلم و شـرع يصعـد درجاته بها ، فـ هدرت " هـدى" باهتياج :
_ لا ، مستحيــل ، أنا عارفة انك عامل كـده عشـان تغيظني انت جايبلي بنت من الشارع و تقولى مراتى ، يــامـــن !
استدارت بـ جسدها لـ تصعـد الدرجات خلفه فـ قبض " عمـر" على كتفها مرددًا بـ ضيق :
_ ماما استنـ..
فـ دفعت كفه بعيدًا هادرة بـ تشنج :
_ حاســب ، انت مش عارف أخـوك ؟ ده .. ده عايز يضايقني بس ، انا متأكدة انها لعبـة عاملها ، البت دي مش هتقـعد في بيتى ثانية واحدة !
أوفضت " هدى" نحـو السلم و صعـدت درجاته ركضًا و هـي تهـدر بـ صوتها عاليًا :
_ يــامــــن !
رمش " عمـر" بعينيه عـدة مرات و هـو يتابعها بعينيه ، و فجأة التوى ثغره ببسمة بلهاء و هـو يتمتم بـ عدم تصديق :
_ أنا بحلـم اكيـد ، يامـن اتجـوز ! بايـن كده انى بـ خرف
و اقتنع نوعًا ما بـ احتماليـة أنه بداخل حلـم سيستفيق منه قريبًا .. استدار بـ جسده لـ يتسمر في مكانه ، جحظت عيناه بـ صدمـة حيـن رآى " فارس" مُقبلًا عليه ، دنا " فارس" منه و فتـح ذراعيه منتويًا استقباله بأحضانه متمتمًا بـ اشتياق :
_ عمــورة ، وحشتنى و الله !
انبعج ثغـر " عمر" فجأة ببسمة بلهاء ، و سريعًا ما أصدر قهقهات عالية مشيرًا للأعلى ، فـ تغضن جبيـن " فارس" و هـو يُخفض ذراعيه بجواره متمتمًا بعدم فهم :
_ مالك يا ابنى ، انت اتهبلت ولا ايـه ؟
توقف " عمـر" عـن الضحك و مازالت البسمـة البلهاء مرتسمة على ثغره ، حك مقدمة رأسه متمتمًا بـ تنهيـدة :
_ يـــاه يا عمـر ، تقريبًا كـده نسيت أتغطى قبل ما أنام
ثـم نظر لـ " فارس" متمتمًا بـ حبـور :
_ بس تصـدق وحشتنى يا فارس
ثـم تنغض جبينه لـ يردد بـ استفسار:
_ بس انت ايه اللى جابك هنا ؟ مجيتش في حلـم لوحـدك ليـه ؟
تأففت ملامح " فارس" متمتمًا :
_ هـو انت لسه بايخ زي ما انت ! انا قولت كبرت و عقلت ! ده منظـر استقبال تستقبلني بيه و أنا آخـر مرة شوفتك كانت أكتر من سنـة ! أومال كل ما تكلمنى تقولي وحشتني و بتاع
تجلت الصدمـة على ملامحه و اتسعت عيناه متمتمًا بـ ذهـول :
_ فارس ! انت.. انت هنا بجـد ؟
فـ ردد بتهكم :
_ لأ بهـزار ! حاسب يا تافه كـده أما شوف أخـوك اللى هيقتل مراته ده !
ارتمى في أحضانه مرددًا باشتياق :
_ فـارس !
رفع " فارس" حاجبيه بـ دهشـة ، فـ ابتعد " عمر" عنه لـ يردد بـ شـدوه :
_ يـ..يعني انت هنا بجـد ؟
_انت اتعميت يا عمـر و لا أيـه ؟ ما أنا قدامك أهـو !
رفع " عمر" عينيه تلقائيًا للأعلى قائلًا بـ ذهـول :
_ يـ..يعني اللى حصل ده كان حقيقة ؟ يـامـن اتجـوز ؟
تنهـد " فارس" بحرارة قبل أن يردف بضيق :
_ اه
اتسعت عيناه الى حـدٍ كبير و هـو يردد بـ عدم تصديق :
_ انت بتهـزر صـح ؟ يامن..يامن اتجـوز ! طـب ازاي ؟
نظـر له " فارس" مليًا ثـم حاد ببصره عنه مردفًا :
_ دي حكاية طويلة يا عمـر ، خلينا بس نشوف ....
ثـم نظـر حوله و كأنه تذكر شيئًا ما و عاد يرتكـز ببصره على " عمـر" مستوضحًا :
_ أومال هـدى فيـن ؟ مش باينة يعنى !
ضـرب " عمر" بـ كفه مقدمة جبينه مرددًا:
_ دي .. دي ماما .. ماما مش هتعديها !
فـ استفسـر " فارس" رافعًا احـدى حاجبيه باستنكار :
_ متقولش انها عرفت !
فـ قبض " عمر" على شفتيه مرددًا :
_ عـرفت و طلعت ورا يامن و ..
فـ لكزه " فارس" برفقٍ في كتفه يحثه على السير مردفًا بعتاب :
_ و ساكت ، امشـي قدامي بسرعـة
أومأ " عمر" برأسه و استدار كلاهما لـ يبتلعا الدرجات ركضًا للأعلى .
.................................................................................
أدار " يامن" المقبض بـ طرف كفه بدون أن يضطر لإنزالها ، بينما مازالت تتذمـر و :
_ يا بني آدم انت مبتحسش ، نـزلني بقى !
دلف للداخل و انحنى بـ جذعه للأمام  قليلًا لـ يسنـد جسدها على طـرف الفراش ، فـ أخفضت رأسها مُطبقة جفنيها بـ قوة و قـد استشعـر آلام جرحها تزداد ، بينما استدار بـ جسده و مضى نحو باب الغرفة في ذات اللحظـة التي كادت تدلف بها " هـدى" و هـي تردد بهياج :
_ انت ابنــى و أنا عارفاك ، استحــالة تعمل كده
وقف " يامـن" متصلبًا أمام باب الغرفـة ليسد بجسده الضخـم الطريق أمامها بينما تمتمت " هـدى" بـ تشنـج :
_ حاسب يا يامن ، البت دي مش هتقعـد هنا ، أنا عارفة انها مش مرا...
فـ حدجها بـ نظرات حامية ثـم قبض بـ كفه بـ قوة على عضدها متمتمًا بـ امتعاض :
_ مـــش وقتك
حاولت التملص من قبضته و هـي تردد بـ تذمـر :
_ يامــن ، قولي انها لعبـة عاملها ، انت ..
فـ دلف للخارج مجبرًا لها على السير خلفه ليبعدها عـن محيط الغرفـة ، فـ أخذت تتلوى بذراعها مرددة بحدة:
_ سيـب ايـدي يا يامن و رد عليا
وصـل الى أعلى الدرجات فـ أشار بـ عينيه للأسفـل مرددًا بـ تجهـم:
_ هـــدى ، أنا مش شايف قـدامي ، أحسنلك تتجنبـيني السعادي !
ضيقت عينيها مرددة بـ إصرار :
_ مش هيحصـل يا يامن ، مـش قبل ما تفهمنـي ايه اللي بتعمله ده
كـز على أسنانه بـ عنفٍ حتى ارتعـش صدغيـه و هـو مرتكـز بـ نظراته النارية عليها ، فـ سرت قشعريرة بـ جسدها من نظراته و ارتبكت ملامحها نوعًا ما ، و فجأة حاد ببصره عنها لـ ينظر للأسفـل هادرًا :
_ فــــــارس
فكان يصعـد أولى الدرجات و مـن خلفه " عمـر" مرددًا بنبرة جـادة :
_ فـي ايــه ؟
فـ نظـر لها " يامن" مرددًا بـ صرامـة :
_ مش عايـز أشـوف وش حـد فيكـو  هنـا ، خدها تحت
نظـر له " هـدى" بـ ذهـول ، بينما توقف " عمـر" عـند منتصف الدرجات و هـو يوزع نظراته المشـدوهة بينهـم ، وصـل " فارس" اليه متمتمًا بـ توسـل :
_ يامـن ، اهـدى بس شـويـة و ..
فـ دفعها " يامن" للخلف مقاطعًا بنبرة حاسمة لا تقبـل النقاش :
_ نزلها تحـــت
وضـع " فارس" كفه على كتفه مرددًا بـ تنهيـدة مُطولة :
_ هتعمل ايه و انت في الحالة دي ، انت مـش شـا..
دفع كفه بعيدًا عائدًا للخلف خُطوة واحـدة مرددًا بـ شـراسة :
_ سمعــتــــونـي ؟
تنغض جبيـن " فارس" و هو ينظر له بعتاب ، بينما عقـدت " هـدى" ساعديها أمام صدرها قائلةً بتصميم:
_ مش هتحرك من هنا غير لما تقـولي كـل حاجـة ، مـ...
تنهـد " فارس" بـ ضيق ثـم قبض على ذراعها و استدار جاذبًا لها خلفه مقاطعًا بامتعاض :
_ تعالى معايا يا هـدى
فـ تلوت بـ ذراعها هادرة بـ احتجاج :
_ سيـب ايـدي يا فارس
استدار " يامـن" بـ جسده عائدًا اليها و ملامحه لا تُنـذر بالخيـر ، و كأن الإعصـار قادم لـ يبتلع كـل ما حـوله بداخله..
................................................................................
استغلت فرصة انشغاله عنها ، و أخـذت تبحث بعينيها عـن مخـرج لها من ذلك الأسـر الإجباري ، شملت الغرفة بعينيها لتتبين لها معالمها فـ كانت الخزانة التي تأخذ عرض الجدار ، و منضدة الزينة التي اكتظت بكريمات الشعر و قنينات العطور ذات الماركات المعروفة ، و من الناحية الغربية  تواجدت أريكة ذات ملمس ناعم و بجوار الفراش العريض الذي ينتصف الجدار من الناحية الشمالية منها اثنين من الكومود ، شعرت بشئ يُطبق على صدرها فتقريبًا كل ما بالغرفة أسود اللون مما بث الكآبة أكثر في نفسها ، ازدردت ريقها بخـوف و سلطت بصرها على الشرفـة في الناحيـة الشـرقية من الغرفـة ، زاغت نظراتها و هـي تنظـر حيث باب الغرفـة لتضمن عـدم عودته حيـن تُنفـذ مخططها ، استجمعت شجاعتها المهـدورة لثوانٍ و هـي تقف على قدميها و سريعًا ما أصـدرت صرخة متألمة و تهالك جسدها على الفراش و هـي تتلمس موضـع جرحها بأطراف أناملها ، مـرّ عليها ثوانٍ أطبقت فيها جفونها و اعتصرتهما بتألم جلّ على ملامحها ، انتفض جسدها فجأة على صـوت اغلاق الباب بـ عنفٍ و شخصـت أبصارها نحوه ، ازدردت ريقها بتوجسٍ من هيئته ، و سـرت قشعريرة بـ جسدها ، مسح " يامـن" بعنفٍ على وجهه ثم سلط نظراته القاتمـة عليها مرددًا بنبرة جافـة  :
_ علاقتك ايــه بيـه ؟
اتسعت عيناها و قـد التمست اتهامًا لشخصها بيـن طيات كلماته ، فـ هـدر بها بـ شراسـة حيـن تلقى صمتها :
_ انطقـــى
انتفض جسدها للحظة اثـر صراخه ، و لكنها استجمعت رباطة جأشها فـ احتقن وجهها بالدماء و هـي تردد بـ تشنجٍ :
_ مسمحلكـش تتهمني بالشكـل ده !
فـ ضـرب بـ كفه على منضـدة الزينـة هـادرًا بـ إحـتدام :
_ سألتك سؤال جاوبي عليـه ! في ايه بينكـم ؟
تنغض جبينها و هـي تردد بـ استهجان :
_ مـش من حقـك تعـرف ، مـش مضطـرة  أوضحلك حاجة عـن حياتـي !
و كأنها نـزعـت فتيـل القنبلـة بـ كلماتها ، احتقـن وجهه بالكامل بالدماء و كأن النيران قـد اندلعت في عينيه ، برزت عروق جبينه و كز على أسنانه بـ عنفٍ حتى كاد يُهشمها ، كور قبضته بـ قـوة حتى برزت عروق ظهره الخضراء ، دنا منها كـ وحش كاسـر يهجم على فريسته و قبض بـ عنفٍ على فكها هادرًا بـ شراسـة :
_ انتــى مراتــي أنا ! مــراتي أنا مــش هــو ، ســــامعــة !
شعـرت بـ قبضته تعتصـر فكها ، امتلأت عيناها بالدمـوع و هي تنقل نظراتها الكارهة بين عينيه مرددة بـ تشنــج :
_ ارحمنـــي بقى يا أخـي ، أنا مش عايـزة أكون معاك ، مـــش عايـزة
فـ ردد بـ إصرار عجيب بـ صـوتٍ قاتم و نظراته المظلمة مسلطة عليها :
_ مـــش بـ مزاجـك ، من النهاردة مكانك مـش هيكون غير معايا أنا ! فـــاهمـة
تآوهت متألمة و هي تحاول تحرير فكها من قبضته مرددة بـ اختنـاق :
_ لأ ، مـش عايـزاك ، كفـايـة بقى ، ابعـــد عنى ، انســانى و انســى عيلتى اللى دمرتها بعمايلك !
فـ حدجها بـ نظرات قاتمـة مُطولة مرددًا بنبرة أشبه للفحيح :
- مش هسيبك ! متحلميش اني ممكن أعمل ده !
ثم حرر فكها من قبضته ، و استدار بـ جسده لـ يمضي نحو باب الغرفـة و خرج منها صافقًا الباب خلفه بـ عنفٍ  ، استمعت الى صـوت المفتاح يُدار بالباب ، فـ اتسعت عيناها و هـي تقف مُجبـرة على ساقيها ، تحاملت على آلامها و هـي تسير نحوه و طرقت بـ عنفٍ عليه مرددة بـ هياج :
_ افتـــح الزفــت ده ، متحسسنيش اني مسجـونة هنا
تجمعت الدمـوع في مقلتيها بـ غزارة حتى أن الرؤية تشوشت لديها ، تهالك جسدها على الأرضيـة و أجهـشت بالبكاء المرير و قـد تعالى صـوت شهقاتها المقهـورة ، هـدرت بـ تشنجٍ من بيـن شهقاتها :
_ أنـا مـش مسجـونة هنا ! مــش مسجـونة ، ســامعنـى !
ثـم عادت تبكي بـ حرقـة ، استندت بـ ظهرها الى الباب ، ثـم مالت بـ جسدها لتفترش الأرضية ، ضمت ركبتيها الى صـدرها و دفنت وجهها فيهما ، شعـرت بالاختناق يتملك منها رويدًا رويدًا و هـي تستعيـد كلمات " خالد" قبل قليل و كيف أنه أساء اليها ، و تلقائيًا استعادت كلمات والدها و نظراته المتهمـة لها ، سار أمام عينيها مشهـد عقد قرانهما و كيف أنها كانت مُجبـرة لـم يخيرها لثانية ، شعـرت بـ وخـزات حادة تداهـم ظهـرها و لكـن وغـزات قلبها كانت أشد قسوة ، تمتمت بـ مرارة مـن بيـن شهقاتها التي تُقطع نياط القلوب :
_  معـ... معملتـش حاجة !
........................................................................................................
دلف " كمال" من الباب الخشبي و سار للداخل فـ تنغض جبينه حيـن رآى ابنه ممسكًا بـ زوجته و يجرها خلفه ، فـ ردد مستنكرًا :
_ فـارس ، انت بتعمل ايه ؟
زفـر " فارس" بـ حنق و هـو يترك ذراعها دافعًا لها تجاه والده :
_ اتصـرف مع مراتك !
رفع " كمال" حاجبيه استنكارًا و سريعًا ما حول بصره لـ زوجته التي رددت بـ استهجان :
_ شايف ابنك يا كمـال ؟
ردد " كمال" بـ ضيق :
_ اهـدى يا هـدى و فهميني حصل ايه
توسطت خصرها بـ كفيها هادرة بتشنج :
_ مش ههدى غيـر لما تشـوفلي حـل في المصيبة دي !
تنهد بـ قنوط مرددًا بـ نفاذ صبر :
_ هـو في مصايب تاني ؟
فـ هـزت احـدى ساقيها بانفعال هادرة بـ نبرة ساخطة :
_ البيه يامـن جايبلي بنت من الشارع و عامل انها مراته !
فـ تمتم " كمـال" بـ صدمة :
_ بنت حسيـن !
تراخى ذراعيها بـ جوارها و جحظـت عيناها بـ صدمةٍ و هـي تردد بـ استنكار :
_ افنـدم ! قـولت ايـه ؟
خلل " فارس" أصابعه بـ خصلاته متابعًا كلاهما بنظرات فاترة ، بينما اتسعت عينا " عمـر" و هـو يهمـس له بـ عـدم تصديق :
_ الكلام ده صـح ؟ دي بنت اللي قتل بابا ؟
فـ نظر له " فارس" من زاويـة عيـن ، و توسط خصـره بـ كفيه و هـو يردد بـ فتـور :
_ أه ، بنت حسيـن الحديدي !
فـ تمتم " عمـر" مستنكرًا :
_ ازاي يامـن يعمل كـده ؟
تنهـد " فارس" بضيق بينما ردد " كمـال" بـ تشنـج مشيحًا بكفه :
_ ابنـك اتجـوز بنت حسيـن ؟ ده اتجنن رسمـي !
فـ هـدرت به باحتدام :
_ بــــــس ، متقـولش مراته ، أنا ابني مستحيـل يعمل كـده ، مستحيـل ده يحصـل ، مستحيـل يتجـوز بنت حبيبـة !
_ لأ حصـل يا هـدى ، يــارا مراتـي !
قالها " يـامـن" بـ صـوتٍ جهـوري و هـو يهبط الدرجات ، فـ التفت الجميـع نحـوه و هو يدنـو منهـم ، فـفغـرت " هـدى" شفتيها بـ صدمةٍ و هـزت رأسها استنكارًا متمتمة :
_ لأ لأ ، يامـن .. أنا .. أنا عارفـة انك عايـز تـ..
فـ لـم يكترث لها استكمـل طريقـه نحـو " فارس" و حدجه بـ نظرة متقدة ، ثم قبض على ذراعه جاذبًا له بـ عنفٍ لـ يسيـر خلفه مرددًا بـ سخطٍ :
_ عايـزك !
رفع " فارس" حاجبيه مشـدوهًا و :
_ فـــي ايــه ؟ ماسكنـي كـده ليـه ؟
فـ هـدر به بـ نبرة آمـرة :
_ امشــي قـدامي و انت سـاكت !
حاول " كمـال" أن يستوقفه مرددًا بـ عصبيـة :
_ يــامن ، اللي بتعمله ده اسمـه جنان ! يعنـي ايه تتجـوز بنت ..
فـ ردد بنبرة جامـدة و هـو يستكمـل سيره نحـو غرفـة مكتبه :
_ المـوضـوع منتهـي يا كمـال ، متتعبش نفسـك على الفاضي
دلف لداخل غرفة مكتبه تاركًا الجميع بـ حالة صـدمة لـم يستوعبونها بعـد ، دفعه بـ عنفٍ لـ يرتد جسـده للخلف ، و صفق الباب بـ عنفٍ ، فـ ضبط " فارس" من وضعيـة ملابسه مرددًا بـ حنق :
_ في ايـه يا يامـن ؟ انت شايفنـي عيـل صغيـ...
كـور " يامـن" قبضـته بـ قـوة و استدار اليه محدجًا ايه بنظرات مميتة من عينيه التي بدت و كأنها جمـرتين متقـدتيـن من اللهب ، و فجأة سـدد له لكمـة في وجهه مشحـونة بـ غضبـه المكبـوت هادرًا بـ شراسة :
_ انت غبـــي ؟ مبتفهمـش ؟ ازاي تكســر كلمتي و تعمل عكـس اللي قـولته !
ارتد " فارس" للخلف متآوهًا بتألم ، و وضع كفه تلقائيًا على وجهه ، اتسعت عيناه و هـو يـردد بـ ذهـول :
_ انت بتضـربنـي ؟
فـ قبض " يامـن" على تلابيبه مرددًا بـ توعـدٍ شرس بدون أن تطرف عيناه :
_و أقتلـك كمـان لـو عايـز !
تنغـض جبينـه قائلًا باستهجان :
_ كـل ده عشـان ايــه ؟ عشـان دليت الأم اللي قلبها محـروق على واحـدة من بناتها !
فـ هـز جسـده بـ عنفٍ هـادرًا بـ احتدام :
_ انت ملكـش دخـل ، انت تعمـل اللي أقولك عليه من غيـر مناقشـة !
فـ قبض على كفيه محاولًا ازاحتهما عـن ياقته مرددًا بـ نبرة جامدة :
_ أنا مـش شغـال عنـدك يا يـامـن بيه ، أنا ابـن عمـك ، يـاريـت تفتكـر ده كـويـس !
فـ دفعـه " يامـن" بـ عنفٍ للخلف و أطاح بـ كفـه ما فـوق مكتبه من حاسـوبه المحمـول و العديـد من الأوراق و الملفـات هادرًا بـ استهجــان :
_ يبقـى ملكـش دعـوة بـ حاجــة ، مـش تتصـرف من دماغـك !
تجمـدت تعبيرات " فارس" و سلط نظراته عليه متأملًا له مليًا ، أخـرج زفيرًا حارًا من صدره بينما نهـج صدر " يامـن" علوًا و هبـوطًا ، زمجـر غاضبًا فجأة و هـو يوليه ظهره لـ يضرب على سطح مكتبه بـ عنفٍ بـ كفيه ، ثم استند بـ كفيه على سطحه منتقلًا لـ موضـوع آخـر تمامًا و كأنه لا يتمكـن من طـرده عـن عقلهِ ، مرددًا بـ تشنجٍ :
_ كـان المفروض أقتله و اشرب من دمــه بعد اللي قاله !
تنغـض جبيـن " فارس" مستوضحًا :
_ هـو ميـن ده ؟
فـ التفت نصف التفاتة لـ ينظر له بنظرة قاسية من طرف عيـن ، وهـدر بنبرة محتــدمة :
_ ابــن الـ××××× الـ×××× اللى غلط فيها !
فـ ضيق عينيه و عقـد ساعديه أمام صـدره مرددًا بـ برود :
_ ليــه يعني ؟
تنغض جبيـن " يامـن" و ازداد توهج وجهه ، التفت لـ ينظر له بنظرات ناريـة هادرًا بنبرة ساخطة :
_ انت غبـــي ؟ بـقولك غلط في مـــراتـــــي !
ارتفع جانب ثغـر" فارس" ببسمة جانبية ساخـرة مرددًا بتهكـم :
_ مراتك ! مراتك اللى اتجوزتها غصـب و حابسها و مانعها تشـوف أو تكلـم أهلها !
فـ لكم سطـح مكتبـه و هـو يزأر باستهجـان :
- اهلها ! عـايزنـي أرجعها لأبـوها الـلى كان هيقتلها !
فـ قسـت تعبيراته مرددًا بنبرة جافة :
_ يعني أبوها هيقتلها و انت اللى هتحافظ عليها و انت أصلًا متجـوزها عشـان تنتقـم من أبوها مع انها ملهاش ذنب في حاجـة !
فـ صاح به بـ نفاذ صبـر :
_ يـــــوه ، اطلـــع بـــــرا يا فارس أنا مـــش ناقــص
فـ حل ساعديه مرددًا بـ نبرة ممتعضة :
_ أنا هطلع فعلًا ، الكلام معاك مش بيجيـب نتيجـة
دنا منه لـ يتلمـس جرح عنقه الذي تخضب بالدماء مرددًا بـ نبرة جـادة :
_ و ابقى شوف الجرح ده قبـل ما يتلوث أكتر ، تلاقيـك حتى مش واعي للدم اللى بينزف منه !
ثـم  قذفه بنظرة معاتبة و هـو يسير نحـو الخارج ، بينما تابعـه " يامـن" بـ نظراته الساخطـة ، كـز على أسنانه بـ عنفٍ و هـو يكشـر عـن اسنانه مزمجرًا بـ غضب ، ثـم ركـل بـ قدمهِ جهاز الحاسوب المُلقى على الأرضيـة و ضـرب على سطـح مكتبه بـ عنفٍ مرددًا بـ شـراسـة :
_ ماشي يا ابــن الـ××××× ، هعـرف عـنك كـل حاجـة !
.............................................................................................................................

في مرفأ عينيكِ الأزرق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن